لسنوات عديدة، ركزت مديريات التربية ممثلة بمدارسها على التعليم، حيث كان للمعلم الدور الأساس النشط في الموقف التعليمي التعلمي. وغالباً ما ركز المعلم على تعليم طلابه المعلومات والمهارات بطرق تدريسية مختلفة يراها (أي المعلم) مناسبة وفعالة في تحقيق الأهداف التي يسعى لتحقيقها. وأما الطلاب فكان دورهم الرئيس تلقي المعلومات وحفظها ، وبعبارة أخرى  كان دور الطلاب الاستجابة لسلوك المعلم وللكتاب المدرسي. ولم يكن لهم أي دور في علمية تعليمهم تلك سوى استقبال المعلومات. وقد عرف هذا الدور السلبي للطالب بالتعلم الاستقبالي  Reception Learning  أو التعلم الاستظهاري القائم على الحفظ والتذكر Rote Learning .

        ومع تطور التربية والتعليم وظهور نظريات تربوية جديدة، أصبح دور الطالب دوراً مركزياً في العملية التربوية ، وأصبح الطالب محور العملية التربوية ، ومركزها ، ومُدْخَلهَا ( Input ) و نتاجها ( Out pot ) الرئيسين. وغدا ذا دور نشط فاعل في علمية تعلمه ، وشريكاً رئيساً في عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بالعملية التربوية على مستوى المدرسة ، وربما على مستوى إدارة التعليم أو الوزارة. وأصبح معنياً بالبحث عن المعرفة واكتشافها وإنتاجها. وأصبح معنياً بالتفكير في تعلمه وتقويمه. ماذا تعلم؟ كيف تعلم؟ ما جدوى هذا التعلم وهل يمكن التعلم بطريقة أفضل؟.. ويُعْمِل فكره في الظواهر والمعطيات ويحللها ويكتشف العلاقات والانتظامات والأنماط الموجودة فيها. وأما المعلم فقد أُنيطت به أدوار جديدة تهدف جميعها إلى تفعيل دور الطالب في الموقف الصفي وفي تعلمه بشكل عام. كما تهدف إلى تحسين التعليم والتعلم والمُنْتَج التربوي. في هذا الإطار برز مفهوم التعليم والتعلم المُنَظَّمْيْن، وبات تنظيم بيئة التعلم وتنظيم الفرص التعليمية، وتنظيم المعلومات المقدمة للطالب بشكل يحفزُه على التفكير والبحث والاكتشاف ، ليتخرج إلى الحياة باحثاً مكتشفاً منتجاً قادراً على حل مشكلاته وعلى الإسهام الإيجابي في حل مشكلات مجتمعه بما يحقق رفاهة المجتمع .

        لم تأت استراتيجية التقويم البنائي التدريسية من فراغ أو بدون الاستناد لأُطر تربوية . لقد جاءت هذه الاستراتيجية نتاجاً طبيعياً لمعطيات ونتاجات عمليات التقويم الصفي التي تقدم معلومات عن تعلم الطلاب يفترض أن لا تُهمل ، بل على العكس من ذلك يفترض أن توظف في تحسن تعلم الطلاب وتحسين أداء المعلمين ولعل هذا هو الهدف الرئيس لعمليات التقويم.

 تستند استراتيجية التقويم البنائي التدريسية  إلى عدد من المبادئ التربوية الهادية والموجهة للتعليم والتعلم، ومن هذه المبادئ  :-

  • تخطيط التعليم لتحقيق أهداف واضحة ومحددة على  مستوى طلاب الصف ككل وللطلاب كأفراد.
  • التعلم السابق للطلاب عنصر هام  ومتطلب رئيس للتعلم الجديد.
  • التقويم مدمج (متكامل) في عملية التعليم والتعلم وليس مفصولاً عنها .
  • كل طالب عنصر فريد في الموقف التعليمي التعلمية خصوصيته الممَيزة له.
  • الطالب ذو دور فعّال في عملية التعليم والتعلم.
  • التعليم علاجي(يعالج مواطن الضعف لدى الطلاب) ،  وتعزيزي (يعمل على تعزيز مواطن القوة لدى الطلاب).
  • دور المعلم تلبية حاجات الطلاب ومتطلبات المنهج المدرسي.
  • إثارة اهتمام الطلاب وإثارة دافعيتهم عوامل أساسية للتعلم  .
  • يتحقق التعليم والتعلم المتبادل بين المعلم والطلاب نتيجةً للتفاعل الإيجابي بينهم.
  • تنوع البيئة التعليمية التعلمية وتنوع الوضعيات التعلمية متطلبات ومثيرات مهمة للتعليم والتعلم.

يتطلب استخدام استراتيجية التقويم البنائي في التدريس من المعلم ما يأتي:

  •  تعرف الخبرات السابقة للطلاب بهدف التأكد من توفر التعلم السابق لدى المتعلمين قبل البدء بتعليمهم مفاهيم وأفكار ومهارات جديدة.
  •  توقع الصعوبات التي يمكن أن تواجه تعلم الطلاب .
  • إعداد نشاطات تعليمية علاجية لمعالجة الصعوبات المتوقعة.
  •  تقديم مساعدات خاصة للأفراد الذين يواجهون صعوبات في تعلمهم
  • تقديم نشاطات إثرائية للأفراد الذي يحققون تحصيلا جيدا.
  • إعداد نشاطات تعليمية تقويمية تشخيصية.

        الهدف من التقويم في هذه الاستراتيجية تشخيص تَعَلُّم الطلاب ، وتعرف نقاط الضعف فيه ومن ثمَّ علاجها . ويشترط في هذا التقويم أن يكون دورياً مرحلياً ، يُقوم أداء الطلاب على فعاليات الحصة الواحدة ،أو فعاليات وحدة دراسية واحدة ،وقد تمتد هذه الفعاليات إلى البيت ممثلة بالواجبات المنزلية .

        عادة ما يكون التقويم وفق هذه الاستراتيجية قصيراً ، وما يجب أن نؤكده أنه لا يهف إلى وضع درجات للطلاب ، لأنه معني بتشخيص التعلم وتحديد نقاط قوته لتعزيزها ونقاط ضعفه لعلاجها.

        يمكن للمعلمين إجراء التقويم وفق هذه الاستراتيجية ، باستخدام  مختلف أشكال أو أساليب أو أنواع التقويم الصفي  مثل التقويم الابتكاري والتقويم الذاتي ، والتقويم من خلال الأقران  والمقابلات الشخصية .

        لتعرُّف مواطن ضعف الطلاب  والصعوبات التي يواجهونها يمكن للمعلمين الحصول على المعلومات اللازمة لهم  في هذا المجال  من خلال عدة طرق منها: 

أ:- الملاحظة المباشرة : في هذا الأسلوب تتم ملاحظة ورصد أداء الطلاب خلال تعلمهم في غرفة الصف وفق قائمة ملاحظة أو قائمة رصد يعدها المعلم تتضمن أوجه الأداء التي يريد المعلم ملاحظتها. وبشكل عام يمكن أن  تتضمن قائمة الرصد أو الملاحظة مختلف سلوكيات الطلاب وأدائهم في أوجه التفاعل الصفي مثل :  الإسهام في  المناقشات الصفية، وطرح الأسئلة والإجابة عن أسئلة المعلم والمشاركة في الإجابة عن أسئلة الزملاء، والمشاركة في   النشاطات وتنفيذها ،وحل التدريبات والواجبات،  والمشاركة الفاعلة في التعلم من خلال المجموعات وفرق العمل وتقديم العروض الصفية، أضف  لذلك كله ملاحظة ورصد ما يقدمونه من مبادرات .

ب: – أدوات جمع المعلومات : يصمم المعلم هذه الأدوات بهدف جمع معلومات محددة       يريدها، ومن الأمثلة على ذلك تصميم أدوات من أجل:

  1. تعرف المفاهيم الخاطئة والتصورات السابقة
    1. تعرف النقاط أو الموضوعات الأكثر غموضاً بالنسبة للطالب الواحد  وتعرف الأشياء التي كانت مفيدة ونافعة أو عملية ” وتلك  التي كانت غير عملية ؟
    1. تقويم مهارات الطالب في التطبيق والأداء مثل قدرته على الكتابة الموجهة، و أداء المشاهد الإنسانية والتمثيل
    1.  تقويم مهارات التحليل والتفكير الناقد وكذلك مهارات التركيب والتفكير الإبداعي
    1.  تقويم قدرة الطالب على التصنيف وإعطاء الملامح المميزة
    1. تقويم مهارات الطالب في حل المشكلات.

error

يمكنك متابعتنا ووضع لايك .. ليصلك كل جديد