مقدمة
من المسلم به أن الإنسان مهما كانت ظروفه وميوله وقدراته ، بحاجة إلى تعلم وتعليم ، فعمليتا التعلم والتعليم ضروريتان للإنسان ، ملازمتان له ، يأخذ بهما منذ بداية عمره ، أي منذ مرحلة الرضاعة ؛ فيتعلم الصياح أو الضحك ، أو الإيماء أو البكاء ، كي يعبر عن حاجة ملحة ، أو ليبتعد عن خطر يلم به أو يتوقعه،. وبعدها يتدرج في التعلم في مرحلة الطفولة ، ومن بعدها المراهقة ، ثم الشباب … الخ .
ولقد كانت عمليتا التعلم والتعليم مرتبطتين ببعضهما ارتباطا وثيقا ، حتى كان من الصعب تصور أن يحدث تعلم دون وجود معلم ، بيد أن ظهور التكنولوجيا ، وما نجم عنها من أدوات وآلات ، جعلت الكثيرين يعتقدون بتراجع عملية التعليم ، ويتحسرون على تقلص وانحسار دور المعلم ، بيد أنهم في اعتقادهم هذا يجانبون الحقيقة ، فالتكنولوجيا لم تزل دور المعلم ، بل دعمته وجعلته دورة مميزة يستلزم توافر مهارات وكفايات معينة ، ذلك لأن التكنولوجيا كلفت المعلم القيام بأدوار جديدة ، وفرضت عليه جهودا عديدة ، مع التطور التكنولوجي الذي حدث ، خرجت وظيفة المعلم عن دورها التقليدي ، وأصبحت له وظائف جديدة .
مميزات التنمية التكنولوجية للمعلمين
تتميز برامج التنمية التكنولوجية للمعلمين في العصر الحالي بالعديد من الفوائد والمميزات ومنها:
– تدعيم فكرة التعلم المستمر والتعلم مدى الحياة.
– تنمية مهارات المعلم التكنولوجية للتعامل مع الوسائل التكنولوجية المستخدمة في العملية التعليمية بسهولة ويسر.
– مواكبة المعلم للتغيرات والتطورات الحادثة في العصر الحالي.
– مواكبة المعلم لفكر وحياة طلابه التي لا تخلو من استخدام الأجهزة التكنولوجية بشكل يومي.
– استخدام الوسائل التكنولوجية في العملية التعليمية بهدف تيسير وتبسيط المعلومات للطلاب.
– تنمية اتجاهات المعلم نحو مهنته بمنظور تكنولوجي يتواكب مع العصر الحالي.
– تقديم العون للمعلم، مما ينمي ثقته في نفسه ويعزز دوره القيادي له ويهيئه للارتقاء في السلم الوظيفي.
– العمل على تجديد معلومات المعلمين باستمرار بما يواكب كل جديد، كلٌ في مجال تخصصه، حتى يظل المعلم دائماً في حالة تطور.
– محو الأمية التكنولوجية لدى المعلمين، وتنمية مهاراتهم وإزالة الخوف والرهبة لديهم تجاه التكنولوجيا وأدواتها.
– تنمية المعلم تكنولوجياً تساعد على تطوير المناهج الدراسية وطرق التدريس التقليدية في ضوء الممارسات الجديدة في عالم التكنولوجيا المتطورة.
– مساعدة المعلم على تنويع الأنشطة والتدريبات لطلابه، مما يجعل جو العملية التعليمية مثيرا وشيقا ومحفزا للمنافسة الشريفة بين الطلاب.
– دفع المعلم إلى أن يضع في اعتباره الفروق الفردية بين طلابه في الذكاء واكتساب المعلومات، مما يضع على عاتقة استخدام وسائل تكنولوجية تبسط المعلومات بشكل أكثر سهولة.
أدوار المعلم في التعليم التكنولوجي
1- دوره كوسيط تعليمي ومنظم للتواصل :
لقد كان ينظر إلى العملية التعليمية على أنها : عملية اتصال طرفاها المعلم (مرسل) والتلميذ (مستقل) ، يتم فيها نقل المعرفة (الرسالة) عن طريق (وسيط) تختلف أنواعه . ولكن مثل هذا التحديد والفصل بين أدوار العناصر الأربعة لعملية الاتصال لا يتمشى مع النظرة الحديثة للتربية التي تعنى بتكامل عملية الاتصال .
فالوسائط هي ذاتها قنوات أساسية لتوصيل المادة الدراسية ، والعنصر الوسيط قد يكون في نفس الوقت هو المرسل (المعلم) ، فالمعلم في ظل نظم الوسائط لم يعد بالضرورة ( مرسلا ) ، بمعنى آخر لم يعد المعلم ناقلا للمعرفة أو شارحا لها فحسب ، بل أصبح دوره كوسيط تعليمي يقتصر على الأعمال التي لا يمكن لغيره من الوسائط أداءها بنفس الكفاءة” ، ومن ذلك سعيه لتنظيم التواصل الفعال بينه وبين تلاميذه .
2- دوره كمعد للأهداف :
فهو معني بتحديد الأهداف السلوكية على شكل نتاجات تعليمية منتظرة ، على أن تكون مرتبطة بالأهداف التربوية العامة .
3 – دوره كمشخص :
ولكي يسهل المعلم أداء مهمته ، كما يسهل عملية التعلم عند طلابه ، ويجعل العملية التعليمية أكثر نجاعة ، يقوم المعلم بالتعرف على خصائص طلابه. وتحديدها ، لأن ذلك يعينه على فهم طبيعة المتعلمين الذين يتعامل معهم ” فيحدد نواحي القوة والضعف عندهم ، ومستوى القدرة على التعلم لدى كل منهم “.
ويقوم المعلم بعمليات تشخيصية عدة منها :
أ- تشخيص مسحي : ويقوم المعلم فيه بعملية غربلة صفية يتعرف فيها على القادرين من طلابه على إنجاز الأهداف التعليمية الموضوعة، مستخدمة في ذلك الاختبارات التحصيلية ، واختبارات القدرات العقلية ، وراجعا كذلك إلى ملفات الطلاب للوقوف على مستواهم الثقافي والاقتصادي والاجتماعي ، وسجلهم التراكمي.
ب – تشخيص محدد : يتعرف فيه على الفروق الفردية التي تسبب الضعف التحصيلي عند بعض الطلاب .
ج – تشخيص مركز : يتعرف فيه على من يحتاج إلى برامج علاجية وتعليمية خاصة ، مستخدما في ذلك العديد من الاختبارات للوقوف على أسباب التخلف ومظاهر العلاج وطرقه .
ويتمثل دور المعلم هنا في : “الأخذ بيد الضعيف ليضعه على طريق الفهم الصحيح ، وعلى طريق الثقة بالنفس ، وفي نفس الوقت توجيه القوي المتمكن نحو المزيد من القراءات والبحوث ، ونحو مزيد من الإطلاع”.
4- دوره كمصمم برامج :
أصبح المعلم مخططا لخبرات وأنشطة تعليمية ترتبط بالأهداف المخططة ، وتناسب مستوى المتعلمين وطرق تفكيرهم ، وتسهم إسهاما فعالا في مساعدتهم على بلوغ الأهداف التعليمية . كما أصبح المعلم مسؤولا عن إعداد المواد التعليمية اللازمة ، كالمجمعات التعليمية ، ورزم التعلم الذاتي ؛ ليتمكن الطلبة من ممارسة عملية التعلم .
ولكي يصمم المعلم برنامجا لابد له من : ” أن يحدد السلوك النهائي ، أي ما يتعلم ، ثم ينبغي أن يرتب المصطلحات والحقائق والقوانين في تسلسل ؛ ليؤدي بالمتعلم إلى السلوك النهائي المرغوب فيه ، وهذا يتطلب أن تكون الخطوات من الصغر بحيث يصل تواتر التعزيز إلى حده الأقصى” .
5- دوره كمخطط وموجه للعملية التعليمية التعلمية :
وذلك بإتباعه طريقة منهجية منظمة تمكنه من ضبط المثيرات (المادة التعليمية والحوادث التعزيزية (التغذية الراجعة) بشكل دقيق جدة ، ويتم ذلك عن طريق تجزئة المادة التعليمية إلى وحدات بسيطة وتقويمها بشكل متسلسل ، بحيث يستجيب كل متعلم لكل وحدة من هذه الوحدات ، ثم يزود مباشرة بالتغذية الراجعة للتأكد من صحة استجابته أو تعديلها ، إذا كانت على نحو غير مرغوب فيه .
ولا شك بأن هذه الطريقة تقود المتعلم تدريجيا إلى أداء السلوك المرغوب فيه ، وتجعله أكثر قدرة على التعلم كلما تقدم في تنفيذ البرنامج التعليمي ، لأن تعزيز كل استجابة صحيحة على حدة ، يزود المتعلم بمزيد من الفرص للإستجابة للوحدات التالية بشكل صحيح ، ويقوي لديه دافعية التعلم والرغبة في النجاح”.
6- دوره كمهندس للسلوك وضابط لبيئة التعلم :
ودور المعلم هنا لا يقتصر على تحليل سلوك المتعلم ومن ثم تعديله ، وإنما يتعدى ذلك ليشمل هندسة سلوكه ، وذلك عن طريق “ترتيب بيئة التعلم ، بحيث يحصل المتعلم على السلوك المراد”.
ومن الواضح أن ثمة اتصالات بين هندسة السلوك ، وتحليل السلوك أو تعديله ، من حيث مدى اهتمام مهندس السلوك بشكل أكبر بمباديء التعزيز . كذلك فإن العمليات التي يقوم بها مهندس السلوك أثناء تصميمه للبرنامج ، وإدارته الشروط التعزيز ، وقيامه بعمليات تقويمية منظمة بقصد الاطلاع على تقدم المتعلمين وتحسنهم ، كل ذلك يؤدي إلى التعرف على الجوانب التي تحتاج إلى تعديل . وبعبارة أخرى يمكن القول : إن هندسة السلوك تقود وتؤدي إلى تعديل السلوك .
ويرى لويد هوم وهو أحد زملاء سكنر أن هندسة السلوك ” تجمع بين أمرين هما : تكنولوجيا السيطرة على شروط التعزيز ، وتكنولوجيا السيطرة على المثير”.
7- دوره كمهندس اجتماعي :
فهو يشجع التفاعل بين أفراد الجماعة ، ويستثير الإتصال بين التلاميذ ، ويتعرف على حقيقة أن البشر مخلوقات اجتماعية تنمو وتتطور من خلال التفاعل في مواقف اجتماعية ذات معنى” .
8- دوره كموفر للتسهيلات اللازمة للتعلم :
فهو ” يحدد امکانات مختلف مصادر التعلم ، ويساعد التلاميذ على اختيار البدائل التعليمية المناسبة ، ومن ثم يسهل تحقيق أهداف التعلم “.
9- دوره كمستشار :
يتعاون مع الآباء ، ومع زملائه من المعلمين ، وكذلك مع المجتمع المحلي ، من أجل تنظيم التعلم للتلاميذ .
10- دوره كمتخصص في الوسائل التعليمية :
حيث يكون قادرة على استخدامها ، وصيانتها ، وعارفة بمصادرها ، وقادرا كذلك على تقويم صلتها بالأهداف التدريسية .