ظهر التعلم الممتع أو ما يطلق عليه التعلم بالمرح أو الفكاهة أو الترفيه، للجمع بين التعليم والترفيه، وقد تم ربط مفهوم التعلم الممتع قديماً بالتلوين وإنتاج الأفلام التعليمية.

ولا يمكن اختصار التعلم الممتع بأنه مجموعة الأنشطة أو الألعاب التعليمية التي يتم تنفيذها في بعض المواقف، بل هو توجه يحول الموقف التعليمي بكل عناصره ومضمونه التعليمي بصورة منضبطة ومتناسقة إلى خبرات تعليمية مرنة وممتعة يشارك الطالب في تحديد مكوناتها، بغرض اكتساب المعرفة مع تحقيق المتعة. حيث يعمل التعلم بالمتعة على تحريك الدوافع الذاتية والداخلية للمتعلم في الموقف التعليمي.

التعلم الممتع في العصر الرقمي
hgju

كما أن هذا النوع من التعلم قائم على تطوير الخبرة التعليمية بمشاركة المتعلمين وفق منظور يحقق متعة التعلم وفق تنظيم شامل متكامل لكافة عناصر العملية التعليمية لتحقيق الأهداف التعليمية وبالشكل الذي يؤثر في امتاع المتعلمين بما يتعلمونه، وكسر مشاعر الملل أو الإحباط التي قد تصاحب المواد التعليمية.

ومع التسارع الواسع للتكنولوجيا والنمو السريع للإنترنت والتقنيات الرقمية، أصبحت الشبكة وسطاً ديمقراطياً واقتصادياً وتفاعلياً. حيث تؤثر الثورة المعلوماتية بشكل مباشر في عملية التعليم والتعلم، فالانفجار المعرفي المتمثل في الزيادة الكمية والنوعية في المعرفة يحتم على المؤسسات التعليمية إعادة النظر في أسس اختيار وتخطيط وبناء المناهج والمحتوى الدراسي وأساليب التعلم مع المعرفة، لذا كان لزاماً على كل مجتمع يريد اللحاق بالعصر المعلوماتي أن يساعد الأجيال على تعلم الحاسوب والتعامل مع تقنياته، ويؤهلهم لمواجهة التغيرات المتسارعة في هذا العصر.

وأصبح الاتجاه نحو التعلم العميق المتصل بحياة المتعلم والمعتمد عليه هو السائد، فكانت التقنية ممرا للإنجاز الأكاديمي، واعتماد المعرفة من خلالها، كما أنها أدت إلى تطور مذهل في العملية التعليمية، كما أثر في طريقة أداء المعلم والمتعلم في غرفة الصف، وأصبح التعلم أكثر ارتباطاً بالمتعلم، حيث تؤدي إلى اتخاذ قرارات بشأن التعلم: متى يتعلم وكيف يتعلم مما يجعل التعلم أكثر استمرارية وثباتاً.

واعتمدت العديد من الدول المتقدمة على الوسائط التقنية الحديثة وشبكة الانترنت والحاسوب لتنفيذ برامج إعداد المعلمين، مما أدى إلى انعكاس ذلك على أداء المعلم وجعل عملية التعلم أكثر متعة، وشجع على التدريس بطرق وأساليب حديثة باستخدامها.

فالتقنية توفر عنصر الإثارة والتشويق حيث يكون العرض بالصوت والصور والحركة، مما يوفر الخبرة أكثر من الطرق التقليدية، ويقلل نسبة الملل والسأم بين المتعلمين، ويبث فيهم بواعث البحث عن المعرفة.

التعلم الممتع في العصر الرقمي

كيف يتولد التعلم الممتع ؟

إن أساليب الحفز واستثارة الدافعية للتعلم كثيرة ومتنوعة، وتشمل أساليب حفز خارجية ويستخدمها المعلم بغض النظر عن موضوع التعلم من جوائز ومكافآت.

وهناك أساليب حفز داخلية تنطلق من موضوع التعلم ومحتواه وطرائقه، فيحرص على مساعدة المتعلم على إدراك أهمية موضوع التعلم، وقد ينظم تعلم الموضوع بسياق وطريقة تتفق واستعداد المتعلم، أو يوظف الأساليب التي تناسب طبيعة المادة مما يؤدي إلى جذب المتعلم نحو الموضوع.

وتعتبر وسائل ووسائط التقنية الرقمية وقواعد المعلومات ذات الصيغة العالمية من أهم الأولويات التي تهم المعلمين في عصر العولمة من أجل مواكبة التغيرات والتقدم في كافة المجالات، وهذا يتطلب جهداً مضاعفاً من المعلمين لذا فهم مطالبون بالسعي الحثيث لتعلم التقنية حتى لا يعانوا من الأمية المعلوماتية، والتي تجعلهم غير معاصرين لما يحدث في العالم.

فالتطورات في مجال التقنية والمعلوماتية أوجدت مناخاً عالمياً يستدعي التطلع نحو إيجاد برامج تربوية وتدريبية تركز على مهارات الاتصال واتخاذ القرار والتوجيه الذاتي ومهارات القيادة ومهارات العمل الجماعي والتعلم الذاتي المستمر وساعدت في بقاء أثر التعلم وجعل عملية التعلم أكثر متعة.

لذا اعتمد العصر الحالي على دمج الطلاب في أنشطة تعلم ذات مغزى، وتحفيزهم على تعلم أفضل.

ومن وسائل التقنية التي يقوم عليها التعلم الممتع برامج المحاكاة والواقع المعزز والهولوجرام.

مفهوم الواقع المعزز

ونظراً لحداثة المفهوم فقد تعددت المصطلحات التي تشير إليه، وسأستعرض فيما يلي أبرز التعريفات لمفهوم الواقع المعزز :

تعرفه (هند الخليفة، 2015) بأنّه ” التقنية التي يتم فيها دمج الواقع بمعززات افتراضية بوسائط متعددة كالصور ثلاثية الأبعاد أو المؤثرات الصوتية والمرئية لخلق بيئة تعليمية افتراضية شبه واقعية”.

ويعرفه (عبدالله عطار وإحسان كنسارة، 2015) بأنه ” تحويل الواقع في العالم الحقيقي إلى بيانات رقمية وتركيبها وتصويرها باستخدام طرق عرض رقمية تعكس الواقع الحقيقي للبيئة المحيطة بالكائن الرقمي”.

ويرى اخرون أنه ” توسع في الواقع الحقيقي من خلال إضافة طبقات من معلومات مولدة باستخدام الحاسوب إلى البيئة الحقيقية، وهذه المعلومات المضافة يمكن أن تكون نصوصاً، أو رسوماً، أو فيديو، أو صوتاً، أو نظاماً لتحديد المواقع … إلخ “.

تقنية الهولوجرام

ماهي تقنية الهولوجرام 

الحقيقة أن تقنية الهولوجرام لم تكن وليدة العصر وإنما تم اختراعها على يد العالم Dennis Gabor عام 1947 عندما كان يحاول إيجاد طريقة لتحسين دقة المجاهر الإلكترونية. ومع مرور الوقت تطورت هذه التقنية بشكل ملحوظ منذ الثمانينيات بسبب أشعة الليزر منخفضة التكلفة والتي أصبح من السهل على المستهلكين الوصول إليها واستخدامها في أجهزة مثل مشغلات DVD (Ghuloum 2010).

الهولوجرام هو مجموعة من أنماط الموجات الضوئية التي تشكل صورة عن طريق تقسيم شعاع من الليزر. يتم تقسيم أنماط التداخل بحيث ينعكس الضوء في اتجاهات مختلفة مع انتقال نصف النمط إلى حزمة الكائن والنصف الآخر إلى الحزمة المرجعية (اللوحة الفوتوغرافية)، فينعكس الضوء لإنشاء نمط فريد من التداخل. عندما تتم معالجة الصورة، فإنها تبدو ككائن ثلاثي الأبعاد.
كما عرف الهولوجرام بأنه حزمة من الموجات الضوئية التي تصطدم بالجسم المراد تصويره وتقوم بتخطيطه، ورسم أبعاده ونقل الصورة عبر جهاز يطلق عليه (الهولوجرام) مع إطلاق أشعة مضيئة على الجسم المنقول ليظهر واضح المعالم دون القدرة على لمسه.
يمكن القول إذن بأن الهولوجرام عباره عن تقنية تصويرية لها دور في تسجيل الضوء الذي ينبعث من جسم معين ومن ثم إظهار هذا الجسم بشكل ثلاثي الأبعاد.

وحتى يتحقق التعلم الممتع في العصر الرقمي ينبغي للمعلم أن يراعي في سلوكه التعليمي بعض أمور منها:

تقليل النقد المباشر كلما أمكن ذلك، والتعزيز بالمدح والثناء.

تمكين الطلبة من النقاشات الصفية مع أقرانهم.

التركيز على الأسئلة المثيرة للتفكير.

الخروج عن الجو التقليدي والتنويع في أساليب التعليم التي تدفع للمتعة كالاكتشاف والاستقصاء والمنافسات والمحاكاة والتعلم بالعمل وجمع البيانات والمقابلات التي قد تساهم التقنية بها.

بناء بيئة صفية يسودها المرح.

تكليف المتعلمين بإجراء تجارب المحاكاة بأنفسهم.

تكوين فرق العمل والمجموعات التعاونية.

كما أن معلم التعلم الممتع محب للمجال ولطلبته، يمتلك مهارات تواصل واتصال قوية مع طلابه كما يجب أن يتمتع بقدرة على التخيل والبحث عما هو جديد وغير مألوف.

نصائح حول استخدام التقنية في التعليم 

التأكد من أن الوسائل التكنولوجية التي نستخدمها تحقق الأهداف التربوية.

استخدام التكنولوجيا للمساعدة في تعزيز التعلم، حيث أنها مفيدة في إظهار المواضيع الصعبة بشكلها الحقيقي من خلال بعض البرامج مثل برامج المحاكاة وبرامج الواقع المعزز.

تشجيع الطلاب على الاستكشاف وطرح الأسئلة من خلالها.

تتيح التقنية (مواقع الإنترنت) توجيه الأسئلة للخبراء في مختلفة المجالات.

تساعد الطلاب على نشر أعمالهم وأنشطتهم وابتكار تجارب خاصة بهم.

استخدام التكنولوجيا لجعل العلم مثيراً.

تسهم التكنولوجيا في صقل شخصية المعلم وجعله أكثر انفتاحاً على العالم الخارجي، وتشكل له مصدراً حقيقياً للوصول إلى المعرفة بشكل يسير.

دور المعلم في العصر الرقمي 

ميسر للعملية التعليمية، حيث يقدم الإرشادات ويتيح للمتعلمين اكتشاف مواد التعلم بأنفسهم دون التدخل في مسار تعلمهم.

مبسط للمحتوى، بحيث يساعد المتعلمين على اكتساب المعارف المناسبة للتدفق المعرفي المستمر، واكتساب ثقافة معلوماتية تساعدهم على التعايش في هذا العصر.

باحث عن حلول للمشكلات، واتخاذ القرارات المناسبة، ويكون على دراية بالتغيرات الممكنة.

تكنولوجي يساعد المتعلمين على اختيار الأنسب والتحليل الناقد لما يواجهونه، مطلع على كل ما هو جديد في تخصصه.

مصمم للخبرات التعليمية والنشاطات التربوية والإشراف على ما يناسب خبراته وميوله واهتماماته.

مدير للعملية التعليمية، حيث يقوم بدوره القيادي في الفصول الافتراضية بحيث يجعل منها فصولاً تفاعلية.

خصائص التعلم الممتع  

يحقق الاستكشاف والتخيل معاً.

الخبرة التعليمية المقدمة تخاطب الحواس المختلفة.

المحك الحقيقي للخبرة التعليمية في التعلم الممتع هو استثمار قدرات المتعلمين في خبرات تعليمية تثري تعلمهم وتشعرهم بالمتعة في ذات الوقت.

يتسم التعلم الممتع بالمرونة عند إعطاء المتعلم درجة معقولة من حرية اختيار البدائل المختلفة التي تشكل مكونات الخبرة التعليمية.

وباستخدام المعلم للتقنية التي تساهم في التعلم الممتع قد يساعد في تنمية العديد من المهارات لدى المتعلمين والتي نحتاجها في القرن الحادي والعشرين.

محمد بركات

error

يمكنك متابعتنا ووضع لايك .. ليصلك كل جديد