العلاقة بين الطلبة والمعلمين وأهميتها
لا يمكن لأي مجتمع من المجتمعات أن يتقدم إلا إذا كان للتعليم دورا في ذلك، فللتربية والتعليم أهمية كبرى في النهوض بالمجتمع وتزويد الفرد بقيمه، عاداته وتقاليده، وتتولى عملية التربية في الوقت الراهن العديد من المؤسسات الاجتماعية، ولا شك أن المدرسة تأتي في مقدمة هذه المؤسسات لكونها متخصصة في تنشئة أفراد المجتمع تنشئة تسمح لهم بالمساهمة في النهوض بمجتمعهم وتنميته. ولأن للمدرسة هذه الأهمية في تقدم المجتمع، كان لا بد من الاهتمام بالمناخ السائد فيها ولاسيما العالقات الاجتماعية.
كيف يبني المعلمون والطلبة علاقات متينة
يبني المعلمون الفاعلون علاقات حقيقية ومتينة مع طلبتهم. وبناء هذه العلاقات يمكن أن يكون تحدياً خلال أفضل الأوقات، فكيف الآن في عالم ما بعد الجائحة حيث ينخرط العديد من المعلمين مع الطلبة عن بعد، مما يجعل المهمة شبه مستحيلة. لحسن الحظ، تقول المرشدة النفسية والتربوية المتمرسة ميغان ماركوس أن التربويين قادرون على تعلم المهارات اللازمة لبناء علاقات قوية مع طلبتهم سواء كان التعليم وجاهياً أو عن بعد.
قامت ماركوس بإنشاء مؤسسة FuelEd، ومقرها مدينة هيوستن في ولاية تكساس الأمريكية وهي مؤسسة غير ربحية ملتزمة بتعليم هذه المهارات للتربويين على مستوى الدولة. تأمل FuelEd من خلال تزويد المعلمين بالوصول للاستشارة الفردية وتدريب التربويين وورشات العمل الجماعية إلى جسر ما تراه هوة في إعداد التربويين أي الفجوة بين مستويات الدعم الانفعالي-الاجتماعي الذي يتلقاه المعلمون فعلياً وما يُتوقع منهم القيام به لبناء علاقات آمنة وقوية مع الطلبة والأهل وشركاء العمل الآخرين. ترتكز القيادة في مؤسسة FuelEd – ملهمة بخلفية ماركوس في مجال علم النفس البشري – على إيمانها بأن المعلمين لا يستطيعون تقديم الرعاية والعناية الفاعلة لطلبتهم ما لم يهتموا بأنفسهم أولاً.
وفي هذا السياق ترى ماركوس أنه: “يمكن لعلاقة واحدة فقط مع مقدم الرعاية أن تترك آثارها مدى الحياة على تطور الدماغ والتعافي من الصدمات وتعزيز التعلم. يمتلك التربويون القدرة على الانتفاع من هذه القوة .حيث يقوم العديد بفعل هذا الأمر بشكل طبيعي من خلال تكوين علاقات آمنة وبصورة تلقائية طبيعية. لكن لا يزال بمقدورنا الكثير مما يمكن فعله في هذا السياق إذا تم تزويد التربويين بالمهارات اللازمة والوعي الذاتي للقيام بهذا العمل بانتظام”.
الخطوات التي يجب أن يتبعها التربويون
ذكرت ماركوس هنا أربع خطوات يستطيع التربويون اتباعها لتطوير الذكاء الانفعالي أو العاطفي وبناء مدارس مرتكزة على تطوير العلاقات عبر الإنترنت أو وجهاً لوجه:
أولاً : تعلم الأسس العلمية للعلاقات القوية.
أثبت البحث أن الطريقة التي تربط الشخص بمقدمي الرعاية خلال السنوات الأولى من حياته تستطيع أن تؤثر على علاقاته فيما بعد. توضح ماركوس ذلك من خلال المثال التالي: “إذا كانت علاقاتك خلال فترة الطفولة غير آمنة، فمن المحتمل أنك ستبني علاقات غير آمنة مع الآخرين”. هل من أخبار جيدة بهذا الخصوص؟ بمجرد أن يتم التعرف على هذه العلاقات يمكن تغيير نمط علاقات هذا الشخص. وذلك يعني أن التربويين يستطيعون تعلم المهارات اللازمة لبناء علاقة آمنة، وتعليمها أيضاً. وهذا يتيح الفرصة لهم لتعزيز الطرق التي تربط طلبتهم بالآخرين في حياتهم اليومية، من خلال تفاعلهم اليومي مع الطلبة.
ثانياً : اتَبع قوة الاستماع التعاطفي
الاستماع التعاطفي يعني الاستماع إلى ما لدى الطالب لقوله – مشاعرالطالب القوية و تجاربه المؤلمة – حسبما تقول ماركوس وليس الاستجابة لها أو الرد أو تقديم النصيحة أو طمأنته وإنما الاستماع لغرض الاستماع فقط. قد يبدو ذلك بسيطاً لكن هذا النوع من الاستماع التعاطفي يساعد الطفل على بناء مهارات تنظيم الذات وذلك لأنها تطلق دورة قوية للتعامل مع الأخرين.ترى ماركوس ما يلي: “يأتي شخص ما إليك ليشاركك مشاعره وأنت تصغي إليه باهتمام بدلاً من التهور لحل المشكلة، وهذا يسهم كثيراً في بناء الثقة. وبذلك لن يكون الطفل قادراً فقط على حل مشكلاته بنفسه بشكل أفضل وبشكل هادئ بل سيعود لك مرة أخرى لمشاركة المزيد. وكلما عرفت المزيد عنهم وعن
احتياجاتهم كلما استطعت الاستجابة لحاجاتهم كمدير وكمعلم”.
“يمكن لعلاقة واحدة فقط مع مقدم الرعاية أن تترك آثارها مدى الحياة على تطور الدماغ والتعافي من الصدمات وتعزيز التعلم…لا يزال بمقدورنا الكثير مما يمكن فعله إذا تم تزويد التربويين بالمهارات اللازمة والوعي الذاتي للقيام بهذا العمل بانتظام”.
وتضيف ماركوس أن الاستماع التعاطفي يمكن أن يساعد قادة المدرسة على بناء علاقات أكثر متانة وإيجابية مع طاقم العمل.
و لإفساح المجال للاستماع التعاطفي، يستطيع التربويون إعطاء أولوية لفرص التواصل الفردي من خلال اجتماعات منظمة و ساعات مكتبية محددة للزيارة. وبما أن هذا النوع من الاستماع يمكن أن يتم عن طريق الاتصال المباشر أو عن طريق منصة Zoom أو عبر الهاتف، فهذه مهارة يستطيع جميع التربويين استخدامها لتكوين علاقات أكثر أماناً بغض النظر عن طريقة تعلمهم.
ثالثاً : مارس مهارة إظهار الشعور بالعجز
غالباً ما يشعر التربويون أنهم مقيّدون بالحاجة إلى ممارسة سلطتهم وقوتهم في مكان ما ولذلك يمتنعون عن مشاركة مشاعرهم الحقيقية أو إحباطاتهم وهذا يعيق تنمية الارتباط العاطفي الآمن ، كما ترى ماركوس، ويحد من الثقافة الاجتماعية-العاطفية الخاصة بالمدرسة. وبدلاً من ذلك تقترح ماركوس بأنه يجب على التربويين مشاركة تجاربهم بشكل مباشر. وبمجرد أن يظهر الشخص ضعفه سيقوم شخص آخر بالانفتاح، عندئذ فقط ستتطور العلاقات الآمنة.
هذه الممارسة تعزز علاقات الطلبة مع المعلمين ولكنها أيضاً أساسية لخلق ثقافة أمان شاملة في المدرسة. وفي هذا السياق ترى ماركوس أنه: “كلما استطاع مديرو المدارس أن يكونوا نموذجاً في ممارسة التعاطف والوعي الذاتي، كلما زادت قدرتهم على مشاركة مسيرتهم مع المعلمين. وكلما كانوا أكثر ضعفاً، كلما تشجع التربويين على الانخراط أكثر في العمل”.
إذا كنت تعلم وجهاً لوجه يمكنك أن تمارس مشاركة تفاصيل شخصية في الحوارات الودية مع كل من الزملاء والطلبة. أما إذا كنت تعلم عبر الإنترنت فيمكنك استثمار الفرص الافتراضية مثل الفيديوهات التعريفية ونقش الحيوانات الأليفة أو الحفلات الراقصة عبر تطبيق الزووم وذلك للتعريف عن شخصيتك لمجتمع مدرستك.
رابعاً : زود التربويين بفرص للقيام بمعالجة ذواتهم
إن التعليم، في جوهره، هو عمل تبادلي قائم على التفاعل بين الأشخاص وهي عملية تتطلب مستويات عالية من الذكاء العاطفي. عندما يباشر التربيون عملهم وهم غير مؤهلين للتعامل مع أعبائه الاجتماعية والانفعالية فإن العلاقات سوف تعاني كما تقول ماركوس. ما هي نصيحة ماركوس؟ أعط التربويين الفرصة للوصول إلى أماكن ومصادر حيث يمكنهم ممارسة الاستبطان أو التأمل الذاتي والعلاج. فعندما تشجع المعلمين على الانخراط في العملية العلاجية التي تنطوي على الإفصاح عن حوافزهم وقصصهم الشخصية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى النمو الاجتماعي-العاطفي. وكلما زادت قدرة التربويين على تنمية ذكائهم الاجتماعي-العاطفي، زادت قدرة الطلبة على التعلم والشعور بالأمان.
الآثار الإيجابية للعلاقة الطيبة بين المعلم والطالب
- إقبال الطالب على دراسة المادة وتفضيلها عما سواها.
- حب المادة ربما يدفع الطالب إلى التخصص فيها دون النظر إلى مستقبل المتخصص في تلك المادة.
- الاقتداء بمعلم تلك المادة في كل حركاته وسكتاته واتجاهاته القرائية.
- التزام كل ما يقوله المعلم والعمل على تنفيذه.
- – الأمور التي توجد العلاقة الإنسانية الإيجابية بين المعلم والطالب المعاملة الطيّبة من قبل المدرس وإشعاره بأنه بمنزلة ابن له.
- المزاح الخفيف بحيث لا تهتز صورة المدرس ولا تضيع الحصة.
- – الاحترام المتبادل بين المدرس والطالب مع مراعاة ظروف الطالب ومساعدة من يستحق المساعدة من الطلاب.
- – سهولة المادة ومراعاة المدرس الفروق الفردية بين الطلاب. الصدق في تقرير الدرجات مع البعد عن المحاباة.
- رعاية مواهب الطلاب وصقلها والمساهمة في حل مشاكل الطلاب.
- – ويجب أن نعرف أنه كلما كان المعلم مخلصاً وحريصاً على مصلحة الطلاب كانت هناك علاقة طيبة بينهما.
- – وكذلك تردد ولي الأمر على المدرسة يساعد على إيجاد علاقة طيبة بين البيت والمدرسة.
- – دور الاختصاصي الاجتماعي في توطيد العلاقة الإنسانية في المحيط المدرسي.
- – التعامل مع الجميع بطريقة بناءة أساسها الاحترام والتقدير المتبادلين وأن ينزل إلى مستواهم جميعا لفهم جميع المشاكل.
- إشراك المعلمين والإداريين في علاج بعض المشاكل المدرسية ويعزز فيهم روح المشاركة في كل الفعاليات المدرسية.
- – رفع الروح المعنوية لدى العاملين وذلك يتحقق عندما يقف بجوار من أخفق ويشجعه ويوضح له الطريقة السليمة لعرض إمكاناتهم وإنّ الإخفاق أحياناً يكون هو بداية النجاح عندما يحاول الإنسان مرة أخرى أن يُصحّح الأخطاء التي وقع فيها.
- – تعزيز نقاط القوة لدى بعض العاملين للاستفادة من عملية المنافسة الشريفة في ميدان العلم.
- – الاستفادة من اللقاءات والمناسبات في دعم العلاقات الفردية الإنسانية التي سيكون لها الأثر الكبير في العلاقات الإنسانية في المدرسة.
- – بناء قاعدة قوية بينه وبين العاملين ينطلق منها إلى ما هو أكثر فائدة وتجانساً أساسها تلافي جوانب القصور وإنكار الذات.
- استقبال المعلمين الجدد وتذليل العقبات التي تعترض سبيل استقرارهم والترحيب بهم وبسط المشاعر النبيلة أمامهم وإشعارهم بالثقة والاطمئنان وتلبية احتياجات معيشتهم.
- – الاهتمام بمشروع صندوق التكافل للمعلمين بوصفه مشروعاً من أهم المشروعات التي بها فائدة للمعلمين.
- الحرص على توطيد العلاقات بين المعلمين بعضهم ببعض وكذلك توطيدها بينهم وبين أعضاء الهيئة الإدارية وذلك بالمشاركة في المناسبات السعيدة وغير السعيدة.
- – وليكن معلوماً لدينا أنّ تحقيق أفضل النتائج والنجاح المتواصل وإحراز المراكز المتقدمة ليس بالضرورة أن يكون صفة يابانية بل هو ببساطة صفة إنسانية.
- – إنّه الولاء، والانتماء، والالتزام، والاطلاع، والتطوير الدائم إنه ببساطة العلاقة الإنسانية فيما بين أعضاء فريق العمل ونخص بالقول أعضاء الهيئة الإدارية والتدريسية في مجال التربية والتعليم.
ملاحظة : ان العلاقة الإنسانية مثلما هي إكسير العمل الناجح فأجمل ما فيها أن تظل الأيدي متشابكة حتى في أثناء الاختلاف في الرأي أو الخصام.
المصدر :
طرق التدريس العامة تخطيطها وتطبيقاتها التربوية، وليد أحمد جابر، ط 2005-1425.
استراتيجيات التدريس الحديثة، د إيمان محمد سحتوت، د زينب عباس جعفر.
تحليل المحتوى في المناهج والكتب الدراسية، د ناصر أحمد الخوالدة.
نظريات المناهج التربوية، د على أحمد مدكور.
2 thoughts on “العلاقة بين الطلبة والمعلمين وأهميتها”
Comments are closed.
شكرا على المعلومات القيمة
نشكركم على المعلومات المفيدة