التطوير المهني للمعلم الحديث
تسعى النظم التربوية إلى بناء منظومة عملية تطبيقية تهدف إلى تحسين وتطوير ممارسات ومهارات معلميها، لتكون أكثر كفاءة وفعالية في تلبية احتياجاتهم واحتياجات المدرسة والمجتمع. وتأتي هذه الجهود في ظل إيمانها العميق بدور المعلم الذي يمثل حجر الزاوية والركن الأساس من أركان العملية التربوية، فمهنة التعليم لم تعد تقوم على الفطرة والموهبة والممارسة فحسب، بل لابد من إتقان الأصول والقواعد والأساليب الفنية القائمة على أسس علمية مستمدة من الأطر والنظريات التربوية والنفسية، إلى جانب التدريب والتأهيل والإعداد؛ فنوعية المعلم هي مفتاح تحسين أداء الطالب.
وتشير الدراسات إلى أن هذه العمليات المؤسسية أُطلق عليها في السبعينات من القرن الماضي مصطلح التطوير المهني أو التنمية المهنية والذي اقترن ابتداء بالتوجهات الإدارية الحديثة ثم اُستعير بعد ذلك في مجال التربية والتعليم.
وقد عرّف بولام التنمية المهنية بأنها تلك العملية التي تستهدف تحقيق أربعة أهداف تتمثل في: إضافة المعارف المهنية الجديدة، وفي تنمية المهارات والممارسات الأدائية، وفي تعميق القيم المهنية الداعمة، إضافة إلى تمكينهم من تحقيق تربية ناجعة لطلابهم.
فالتطوير المهني إذاً في نظر بولام عملية مؤسسية شاملة من الأنظمة المعرفية، وأنظمة الإعداد والتدريب التي تركز على بناء مجموعة من القيم والاتجاهات والمهارات والتي تهدف إلى زيادة فعالية أداء المعلمين، وتسعى إلى تطوير كفاياتهم التربوية والإنتاجية.
إلا أن مفهوم” التنمية المهنية“ أو ”التطوير المهني“ خضع كغيره من المفاهيم التربوية إلى عملياتٍ من التطوير والتعديل والتحسين استناداً إلى ما يستجد من نظم واستراتيجيات تربوية حديثة، وهذا بدوره أدى إلى نشوء عدد من المفاهيم ذات العلاقة بمفهوم التطوير المهني ومن أبرزها: ( التدريب المستمر، والكفايات المهنية، والمساندة المهنية، والتلمذة، وتعلم المعلم أو المعلم المتعلم، والمدرسة المتعلمة وغيرها.
ولسنا هنا بصدد قراءة هذه المفاهيم في سياقها التاريخي، بل نسعى جاهدين إلى إيجاد العلاقة بينها في سياق منتظم، ولعل النقطة الأبرز والتي نستطيع من خلالها الانطلاق في الحديث عن العلاقة بين هذه المفاهيم هي القدر المشترك بين المبادئ الأساسية والسلوكية التي استندت إليها هذه المفاهيم، والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
يتفق أصحاب هذه المفاهيم على أن التعليم عملية منظمة ومستمرة لا تتوقف.
كما أنهم يتفقون على أن عمليات التنمية والتحسين والتطوير عمليات شاملة تشمل الجوانب المعرفية والمهارية والقيمية، وتشمل كذلك الجوانب الأدائية التدريسية والشخصية والمدرسية والمجتمعية.
وهم متفقون كذلك على أن عمليات التنمية وإجراءاتها مسؤولية مشتركة بين المعلم والمشرف والمدرسة.
تتبنى هذه المفاهيم -جميعها- مبدأ أن التنمية تكون وفق احتياج كل معلم.
-كما تؤكد على ضرورة تنوع أساليب واستراتيجيات وأدوات التنمية المهنية.
وهذه المفاهيم ذات تقاطع بشكل أو آخر مع مفهوم التنمية المهنية، وتوضيح هذه العلاقات يمنح الباحث فرصاً أكبر في توسيع دائرة النظر والتعامل مع برامج التنمية المهنية ويمكن بيان ذلك من خلال الآتي:
أولاً: مفهوم التدريب المستمر
التطوير المهني للمعلم الحديث
التنمية المهنية، والتدريب المستمر يمثلان استراتيجيتين ملتحمتين، وتمثلان مدخلين هامين لمنظومة تعليم المعلم، وكلاهما يُنفذان في أثناء الخدمة التربوية، بحيث تُقرر الأولى بشكل واعٍ في ضوء خبرة المعلمين، وتنفذ في سياق الهيئة التدريسية، أو توجيه وتدريب الزملاء، أو الأنشطة الذاتية المنظمة، ويقوم أثرها من خلال التقويم الذاتي والممارسات التأملية في الأغلب، بينما تُقرر الثانية خارجياً من قبل المتخصصين، وتنفذ من خلال أساليب تدريبية متنوعة، ويُقاس أثرها بمقاييس محددة ويمكن تعريف التدريب المستمر: بأنه عملية مستمرة تهدف لتزويد المتدربين بمعارف وخبرات ومهارات تسهم في تغييرات إيجابية في خبراتهم وأدائهم واتجاهاتهم .
وبهذا يتبين أن مفهوم التنمية المهنية أوسع من مفهوم التدريب المستمر؛ فهي تعتمد على سلسلة من الخبرات والنشاطات الدراسية التي يكون فيها التدريب مجرد استراتيجية أو أداة واحدة من أدوات التنمية المهنية، كما أن التنمية المهنية تقودها خبرات متنوعة، أما التدريب فيقوده مدربون متخصصون في مجال التدريب، كما أن التنمية المهنية تركز على احتياجات صاحب العلاقة والمدرسة، بخلاف التدريب الذي يركز-في الغالب- على احتياجات صاحب العلاقة فقط .
ويشير الناجي إلى أن التنمية المهنية مبنية على الاحتياجات المهنية، بينما التدريب مبني على تقدير مسؤول العمل.
ثانيا: مفهوم الكفايات المهنية
التطوير المهني للمعلم الحديث
تتنوع تعريفات الكفاية من التركيز على المهارات المحدودة إلى التركيز على المفاهيم الأكثر شمولية (متكاملة ومرتبطة)، ويمكن القول بأن المفهوم الشمولي للكفاية يقصد به امتلاك وتطوير مجموعة معقدة من المعرفة والمهارات والسلوك والقيم المتكاملة التي تستخدم في سياق أداء المهمة المناطة بالشخص.
ويشير الشراري، إلى أن عملية تطوير النظام التربوي والمدرسي، لا تتم بمعزل عن تحسين الكفايات التي يمتلكها المعلم؛ إذ أن المعلم هو الركن الأساسي في هذه العملية، وأن عملية عمل قوائم بالكفايات التي يجب أن يمتلكها المعلم ليست بالمستحيلة، رغم كون هذه الكفايات متعددة ومتغيرة من بيئة إلى بيئة، ومن زمان لآخر، إلا أنه من المهم عمل هذه القوائم ليستفيد منها المعلمون، القائمون على إعداد وتدريب المعلمين.
والتعليم القائم على الكفايات -في نظري- يمثل مدخلاً هاماً من مداخل التنمية المهنية، وقاعدة أساس تمكننا من ممارسات أجود في سبيل تنمية مهنية شاملة، وتضيف كل من بورجانج وترومب أن التعليم القائم على معايير الكفايات يقدّم في سياق التدريب والتنمية المهنية… وقد وظفت معايير الكفاية في استخدامات مختلفة تمثل إطارا عاما وقاعدة لمناهج إعداد المعلمين، وللموافقة على البرامج المهنية، و لتقييم المعلمين، واعتمادهم، ولتطوير معايير التدريس المهنية، ولهذا السبب فإن معايير الكفايات تعمل كآلية رقابة أو كأداة تمكين.
ويرى هارسليت أن هناك مجموعة من الكفايات التربوية التي تمثل القاعدة الأساس لتحقيق نتائج مثمرة في إطار التنمية المهنية:
كفايات متعلقة بمعرفة التخصص: إذ أن المعرفة القوية بالتخصص لا تكسب الطلبة الثقة بالمعلم فقط، بل إن المعرفة الدقيقة بتفاصيل وجزئيات التخصص تسهم في إكساب المعلم حساسية قوية بطبيعة المعرفة، مما يجعل المعلم موفقا في اختيار طريقة التدريس التي تتناسب مع طبيعة المعرفة.
كفايات متعلقة بمعرفة خصائص المتعلمين: وهي معرفة المعلم لخصائص طلابه النفسية والجسمية والمعرفية والانفعالية، ومستوى النمو المعرفي لديهم، وطبيعة العلاقات السائدة بينهم، فكل ذلك يسهم في إكساب المعلم القدرة على مراعاة الفروق بينهم من حيث الواجبات، وإثارة الدافعية، وتفهم الدوافع وراء بعض السلوكيات.
كفايات متعلقة بمعرفة طرق التدريس: وتشير هذه الكفاية إلى ضرورة تملك المعلم لطرق واستراتيجيات تعليمية تمكنه من التعامل مع المواقف التربوية بمرونة وكفاءة، فالمعلم الناجح هو معلم مسلح بأكبر عدد ممكن من الاستراتيجيات وطرائق التدريس التي تكسبه القدرة على اختيار الاستراتيجية المناسبة لتحقيق الأهداف التربوية بكل فاعلية واقتدار.
كفايات متعلقة بمعرفة المنهج : وتشير هذه الكفاية إلى قدرة المعلم على تحليل المنهج إلى جزئياته، وبيان العلاقات بين أجزاء المعرفة، وتحديد البنية العلمية والمنطقية للمنهج، وتحديد نقاط القوة والضعف، وتفيد هذا الكفاية المعلمين في تحديد الاستراتيجيات التدريسية، وبناء الاختبارات، وتحديد الموضوعات التي تحتاج إلى إثراء.
كفايات متعلقة بالمعارف العامة : وتشير هذه الكفاية إلى معارف المعلم بالإدارة التربوية، ومهارات الإدارة الصفية، ومهارات التواصل الفعال، وإثارة الدافعية، والتخطيط الصفي، وهي كفاية تكسب المعلم حساً عاما بالعملية التربوية، ومتطلباتها والمرونة وسرعة الاستجابة لاي تغيير فيها.
مما مضى يتبين لنا كيف يمكن للكفايات أن تكوّن مجموعة من المعايير التي تمكننا من الحكم على مستوى المعلمين، وملاحظة تحسن أدائهم، وبناء البرامج المهنية وفق مؤشرات محددة ومنضبطة، تقودنا إلى تمكين المعلمين من أداء مهامهم التدريسية على أكمل وجه.
ثالثاً: مفهوم المساندة المهنية
التطوير المهني للمعلم الحديث
ترى جامعة كيل كما في(الناجي): أن المساندة المهنية تجسد مكوناً رئيسا من مكونات التنمية المهنية أو التطوير المهني، إضافة إلى مكوّنين آخرين هما: التدريب المهني، والتربية المهنية.
ويشير مفهوم المساندة المهنية إلى: توفير مناخ الاستقرار الوظيفي، وتحسين ظروف العمل والتوطين داخل المدارس لفترات طويلة (الناجي)
ويعبر عنه جاي بأنه عملية مساعدة المعلم على اتخاذ القرار المهني السليم في الاختيار، وبالتالي البرامج المهنية المناسبة لاستعداداته وقدراته وميوله، وذلك بهدف زيادة احتمالات النجاح والتقدم والتطور في مجال عمله، وتحقيق حالة من التوافق المهني. و بعبارة أخرى أن دور المساندة المهنية يتمثل في مساعدة المعلم في اختيار البرنامج المهني الأكثر ملاءمة له، والأكثر قدرة على إشباع حاجاته المختلفة حتى يشعر بالرضا عنها، ويسهم في العمل كماً وكيفاً بحيث يرضى الآخرون عنه. بينما يعرفها مارك بأنها مساعدة المعلم على فهم ذاته بكل جوانبها وكذلك فهم عالم العمل بكل متطلباته والمواءمة بينهما لاتخاذ القرار المهني الصائب. وبناء على ما سبق يمكننا القول بأن المساندة المهنية عمليات تهدف إلى توفير بيئة مهنية محفزة داعمة للمعلم، تسهم وبشكل فاعل في تحقيق الأهداف المناطة ببرامج التنمية المهنية، ومن أمثلتها: توفير بيئة تقنية جاذبة، وتقديم الدعم والإرشادي المناسب للمعلمين لاختيار أفضل الأساليب والأدوات التي تلبي احتياجاتهم، وتسهم في تعزيز نقاط القوة، ومعالجة جوانب القصور لديهم.
رابعاً: التلمذة ( التمهّن)
التطوير المهني للمعلم الحديث
مع بدايات القرن العشرين تطورت التربية كعلم له أصوله ونظرياته وبدأ مركز الثقل التربوي والاهتمام ينحاز إلى المتعلم بعد أن كان مركزا على المادة العلمية والمعلم، واستلزم هذا التطور حاجة المعلم إلى امتلاك أدوات جديدة تعينه في تعليم النشء، بالإضافة إلى المعرفة التخصصية. وتمثلت أهم العناصر والأدوات اللازمة في معرفة المعلم لخصائص المتعلم والمراحل النمائية التي يمر بها واحتياجاتها من الأساليب الملائمة للتعليم والتدريب، وقد ساعد على تلبية هذه المتطلبات الجديدة تراكم الفكر التربوي السابق وتنامي البحوث في مجال علم النفس وطرائق التدريس وتكنولوجيا التعليم والتقويم النفسي وغيرها من المجالات.
وهكذا نستنتج بأن التلمذة ترتبط بالمهنة التي تستلزم الإعداد العلمي والدراسة العلمية الأكاديمية في الجامعة، حيث ينبغي للمعلم قبل ممارسته لمهنة التعليم أن يتزود بقدر من المعارف والخبرات المتخصصة لكي يمارسها بنجاح.
ويعتبر الإعداد المهني التربوي للمعلم من أهم جوانب الإعداد في برامج إعداد المعلمين، حيث يُمد المعلم بطرائق الممارسة الصحيحة لمهنة التدريس وأساليب التعامل الفعال مع المتعلمين، وتستهدف الثقافة المهنية إمداد المعلم بأسرار التدريس وأصوله، وتمكين المعلم من فهم حقيقة العملية التربوية وذلك من خلال تزويده بالمهارات والاتجاهات اللازمة للتدريس وتعريفه بالأهداف التربوية العامة، والأهداف التربوية الخاصة بالمرحلة التعليمية التي يعمل بها، وبالتخصص الذي يختاره وتزويده بالوسائل الصحيحة للتقويم التربوي وبأسس ومبادئ التعلم وبخصائص نمو المتعلمين، هذا بالإضافة إلى تكوين اتجاهات إيجابية نحو مهنة التعليم .
أبرز الأمثلة على مفهوم (التلمذة) أو التمهن: برامج التربية العملية، والتدريب الميداني، والدبلومات المهنية التي تقدم للمعلمين قبل وأثناء فترة الخدمة.
والتلمذة بهذا المفهوم تشكل رافداً هاماً من روافد التنمية المهنية، في صورة حزمة متكاملة من البرامج تقدم للمعلمين في فترات متقطعة، أما التنمية المهنية بمفهومها الشامل فهي عمليات تحسين وتطوير مستمرة لا تنقطع.
و ثمة مصطلح آخر يتقاطع مع مفهوم (التلمذة) أو (التمهن) وهو مفهوم (التمهين) الذي يشير إلى: اتخاذ السبل الكفيلة بجعل التعليم مهنة ترقى لمصاف المهن المرموقة والمتميزة في المجتمعات العربية كالطبيب والمهندس، ويتطلب التمهين توافر ثقافة واسعة وقدرات متميزة لدى المعلم كالاستقلالية في اتخاذ القرار، والحرية في الاختيار والمعرفة المتميزة، والاستخدام الأمثل للتقنية، والتحول إلى مصمم محترف لبية التعليم وأدواتها.
وتبرز مفاهيم أخرى تقترب كثيراً من مفهوم التلمذة وهو مفهوم (تعلم المعلم) (المعلم المتعلم) (المدرسة المتعلمة) والتي يعرفها سينج بأنها المنظمة التي يعظم أفرادها باستمرار مقدراتهم على تحقيق النتائج التي يرغبونها، إذ تسعى إلى تطوير أنماط تفكيرية جديدة، وتوضع فيها مجموعة من الأهداف والطموحات الجماعية، إذ يتعلم أفرادها باستمرار، كيف يتعلمون بشكل جماعي لتحقيق نتائج إيجابية.
خامساً: النمو المهني
التطوير المهني للمعلم الحديث
يرى بعض الباحثين أن هناك اختلافاً بين مفهومي النمو المهني للمعلم، ومفهوم التنمية المهنية؛ فالنمو المهني ذاتي الطابع والمضمون، ويقوم به المعلم وعن اختيار شخصي لأنه يرى فيه استمرارية لكفاءته الشخصية، ولولائه المهني، بينما التنمية المهنية جهود تأخذ في مجملها الطابع المؤسسي الذي تعمدُ بموجبه الجهات والأنظمة التربوية إلى تنظيم برامج مهنية تأهيلية من شأنها أن ترتقي بالجوانب المهارية في الأداء بالدرجة الأولى، كما أن التنمية المهنية بطبيعتها مستمرة وشاملة ومستقبلية ومعاصرة كذلك .
نستنتج مما مضى: أن التنمية المهنية بمفهومها الشامل سمة العصر وهي ذات معانٍ واسعة الاستخدام في مجالات تنمية المعلمين، كما أنها المفهومُ الأعمق والأشمل من بين المفاهيم السابقة فهي تركز على بناء جوانب متعددة (معارف، وقيم، واتجاهات، ومهارات)، كما أنها عمليات تحسين مستمرة، تقدم في قوالب متعددة، وأنماط مختلفة، وباستراتيجيات متنوعة يتم من خلالها تلبية احتياجات المعلمين، وتعزيز نقاط القوة، ومعالجة جوانب الضعف والقصور.
المراجع :
-بورجانج، بالوما وترومب، روزان (2011)،جودة المعلمين: دراسة دولية حول كفايات المعلمين ومعاييرهم، ترجمة: محمد سنوسي وعمر جلون، المركز الإقليمي للجودة والتميز في التعليم.
-حديد، يوسف (2014)،تصور لتكوين المعلمين بالجزائر في ضوء معايير التمهين، مجلة العلوم الإنسانية مجلد(ب)، ص.ص.275-297. الجزائر: جامعة قسنطينة.
-الشراري، سلامة منزل (2017)الكفايات الفنية الواجب توفرها لدى معلمي التربية الإسلامية، مجلة دراسات التربوية مجلد(44)، عدد(4)ص.ص.303-317.