يعد دينز جونز Denise Jones هو مصمم استراتيجية المحطات العلمية بالتعاون مع زميلته سارا هاراش Sarah Harashe، حيث كان اكتظاظ الصف بالطلاب وشح موارد ومصادر التعلم دافعاً خلف تصميم هذه الاستراتيجية في العام 2007م، ويمكن وصف هذه الاستراتيجية بأنها تنقل مجموعات صغيرة من الطلاب خلال سلسلة من المراكز أو المحطات التي عادة ما تكون مجموعة من الطاولات المجهزة بأنشطة متنوعة؛ ويمكن أن تدوم هذه المحطات فترة فصل واحد أو عدة فصول .
تعريف استراتيجية المحطات العلمية
استراتيجية المحطات العلمية تدريس ينتقل فيها الطلاب في مجموعات صغيرة (عادة 4-6 طلاب) عبر سلسلة من المحطات التي تتيح لهم القيام بأنشطة تعليمية مختلفة تهدف إلى تحقيق التعلم وزيادة الدافعية وتشجيع التفكير الإبداعي لديهم. ويتم الانتقال بالتناوب بين تلك المحطات التي يمكن أن تكون على شكل طاولات موزعة في الغرفة الصفية خلال فترة زمنية محددة من قبل المعلم. أما الأنشطة التعليمية الموجودة في كل محطة فيمكن أن تكون استقصائية، أو استكشافية، أو صورية، أو سمعية بصرية، أو إلكترونية، أو استشارية، أو غير ذلك، ويتم القيام بها بشكل تفاعلي مع أعضاء المجموعة أو بشكل فردي.
استراتيجية المحطات العلمية واتجاهاتها الفكرية :
- الاتجاه البنائي: حيث تجعل هذه الاستراتيجية من الطالب محوراً للتعلم.
- الاتجاه الاكتشافي: حيث يتمكن الطالب خلال هذه الاستراتيجية من ممارسة التجريب اعتماداً على عمليات العلم.
- الاتجاه الاستقصائي: حيث يمارس الطلاب خلال المحطات العلمية مهارات عدة كالتخطيط والتنفيذ والتقويم في سبيل الوصول إلى المفهوم العلمي الجديد.
استراتيجية المحطات العلمية وأثرها في تدريس العلوم، وفي تعديل الفهم الخاطئ للمفاهيم العلمية لدى طلاب الصف الأول المتوسط في مادة العلوم، ولتحقيق ذلك استخدم التصميم التجريبي ذو المجموعتين (التجريبية والضابطة) بحيث تدرس المجموعة التجريبية وفق المحطات العلمية، والمجموعة الضابطة تدرس وفق الطريقة الاعتيادية .
والتعرف على أثر استراتيجية المحطات العلمية في التحصيل وعادات العقل لدى طلاب الصف الرابع العلمي، وفق استراتيجية المحطات العلمية وأخرى ضابطة درست وفق الطريقة الاعتيادية، وتوصلت الدراسة إلى أن هناك فروقا ذات دلالة إحصائية لصالح المجموعة التجريبية، لذلك نوصي بضرورة الاهتمام باستراتيجية المحطات العلمية في تدريس مادة الأحياء.
وكذلك تقديم برنامج أنشطة مقترح قائم على المحطات العلمية لإكساب أطفال الروضة بعض المفاهيم العلمية وعمليات العلم، وأثبتت التجارب فاعلية برنامج الأنشطة المقترح في إكساب الطلاب للمفاهيم العلمية وعمليات العلم، ونوصي بضرورة إعداد مزيد من البرامج في التربية العلمية لأطفال الروضة والاهتمام بتطبيقها في رياض الأطفال ، وضرورة تضمين منهج رياض الأطفال المفاهيم العلمية المناسبة والأساليب والأنشطة والوسائل التعليمية المناسبة التي تساعد على تحقيق أهداف التربية العلمية في رياض الأطفال.
يستنتج مما سبق الأثر الفاعل والإيجابي لتوظيف استراتيجية المحطات العلمية على تعديل المفاهيم الخاطئة التي يحملها الطلاب، بالإضافة إلى دور الاستراتيجية في تحسين تحصيل الطلاب وعادات العقل لديهم، كما أن لهذه الاستراتيجية دوراً إيجابياً في إكساب الطلاب المفاهيم العلمية وعمليات العلم.
تطوّر استراتيجية المحطات العلمية
استراتيجية المحطات العلمية يذكر مصممها جونز أربعة أنواع للمحطات العلمية التي يمكن للمعلم أن يصممها اعتماداً على أهداف الدرس والزمن المتاح وعدد الطلاب والموارد المتوفرة، إلا أن هذه الأنواع قد تطورت إلى أن وصلت لاثني عشرة نوعاً لذلك سوف يتم استعراض أنواع المحطات وفقاً للتطور الزمني الذي لحق بهذه الاستراتيجية، بدءً بالأنواع التي أوردها دينيز (Jones, 2007) وهي:
- المحطات العملية: هي محطات التي توفر للطالب الفرصة لممارسة أنشطة تجريبية وعملية.
- المحطات البصرية: محطات توفر للطالب مواد تستهدف حاسة البصر كالصور والرسوم.
- المحطات السمعية: محطات تمكن الطلاب من الاستماع إلى التسجيلات وإجراء المناقشات.
- المحطات الإلكترونية: محطات تعتمد على عرض الوسائط المتنوعة والعروض التقديمية على جهاز الحاسب الآلي.
- المحطات القرائية: وهي محطات تتوفر فيها الفرصة للطلاب للاطلاع على الكتب والمجلات والمراجع المتنوعة.
- المحطات الاستشارية: هي محطات يتم فيها استضافة الخبراء في مجال معين كطبيب أو مهندس ليتم طرح الأسئلة عليهم من قبل الطلاب.
- محطات متحف الشمع: ويقف فيها المعلم أو أحد الطلاب ويرتدي لباسا مميزا لتمثيل الشخصية العلمية التي ترتبط بموضوع الدرس كأن تكون شخصية عالم فيزيائي.
- محطات النعم أو لا: ويقوم فيها الطلاب بطرح مجموعة أسئلة للخبير في المحطة والتي يجيب عليها بنعم أو لا فقط.
- المحطات السمع/ بصرية: وهي المحطات التي توفر أنشطة تستهدف حاستي السمع والنظر من خلال توفير مقاطع الفيديو والأفلام.
- مراكز التعلم: ويقصد بها تطوير المحطات العلمية بحيث تحقق التكامل بين المجالات المختلفة فمثلاً محطة تتناول الموضوع من ناحية الرياضيات وأخرى من الناحية الدينية وأخرى من الناحية العلمية.
- مراكز الذكاءات المتعددة: ويتم خلالها تنويع المحطات العلمية وفقاً للذكاءات المتعددة؛ بحيث تخصص محطة للذكاء اللغوي وأخرى للذكاء المهاري وهكذا بحسب طبيعة الدرس وبما يراعي أنواع الذكاءات لدى الطلاب.
وهناك أيضا المحطات الدائمة، المحطات المتغيرة، محطات اللعب، المحطات الرياضية، محطات الدراسات الاجتماعية والشعوب، المحطات الفنية.
أدوار المتعلم والمعلم في استراتيجية المحطات العلمية
استراتيجية المحطات العلمية تعد محورا أساسيا فالطالب خلال هذه الاستراتيجية يمر بخبرات متنوعة تلائم احتياجاته، يمارس أنشطة حركية وينتقل بين المحطات، ينخرط في عمليات العلم كالملاحظة والاستنتاج في سبيل التوصل إلى المفاهيم الجديدة، كما أن الطالب يناقش ويحاور زملاءه في المحطة ويتعاون معهم في حل الأنشطة، ويطرح الأسئلة المتنوعة، وفي ضوء ذلك فإن المعلم يمارس عدداً من الأدوار التنظيمية والإرشادية، كالآتي:
- تحديد أنواع المحطات التي سوف يصممها بما يتوافق مع أهداف الدرس وطبيعة المحتوى والإمكانات المتاحة.
- تنظيم الصف بطريقة تناسب تحرك الطلاب بين المحطات.
- تجهيز كل محطة بالأدوات والمصادر وأوراق العمل.
- تقديم مقدمة شيقة حول الدرس وتقديم التعليمات التي يحتاجها الطلاب أثناء تنقلهم بين المحطات.
- تقسيم الطلاب على مجموعات من 3-5 طلاب في كل مجموعة.
- تحديد الزمن المخصص للبقاء في كل محطة تعلم.
- اختيار الطريقة الملائمة لتنقل الطلاب بين المحطات سواءً كان بجعل الطلاب يتنقلون بين جميع المحطات، أو تكرار بعض المحطات وجعل الطلاب يتنقلون بين نصف المحطات المتاحة اختصاراً للوقت، أو بجعل أعضاء المجموعة الواحدة ينتشرون بين جميع المحطات ثم يلتقون عند انتهاء الزمن لتبادل المعلومات.
- إعلان زمن انتهاء التنقل بين المحطات وتوجيه الطلاب للعودة إلى مقاعدهم.
- إدارة حلقات النقاش الصفية وتقديم التغذية الراجعة للطلاب.
مميزات استراتيجية المحطات العلمية
1- التغلب على مشكلة نقص الأدوات والموارد حيث أن توظيف هذه الاستراتيجية يتطلب أن يتم توفير الأدوات لمجموعة واحدة فقط بدلاً من توفيرها لجميع المجموعات.
2- انخراط الطلاب في عمليات العلم من خلال إشراكهم في تنفيذ التجارب المعملية بدلاً عن الاكتفاء بمشاهدة المعلم وهو ينفذها.
- كسر الجمود والملل الصفي وإعطاء الفرصة للطلاب للحركة داخل الصف.
- تنويع الخبرات العملية والنظرية التي يمر بها الطلاب داخل الصف وبالتالي تلبية احتياجاتهم التعلمية.
عيوب استراتيجية المحطات العلمية
- تنقل الطلاب بين المحطات العلمية قد يؤدي إلى الفوضى داخل الصف.
- التفاوت بين مستويات المجموعات قد يؤدي إلى انتهاء بعض المجموعات من المحطة قبل انتهاء الزمن وبالتالي قد يسبب مللا للطلاب ومن ثم تثار الفوضى.
- تتطلب هذه الاستراتيجية توفر مساحات واسعة للصفوف الدراسية ليتسنى تنظيم طاولات المحطات والتنقل بينها بشكل سلس.
- يحتاج تطبيق هذه الاستراتيجية إلى بذل مجهود مضاعف من المعلم وخاصة خلال مرحلتي التخطيط والتدريس.
وللتغلب على هذه العيوب نورد نصائح لزيادة فاعلية توظيف الاستراتيجية، مثل:
- التحقق من ملائمة المساحة الصفية وتجهيزاتها للمحطات العلمية التي ينوي المعلم تصميمها مثل: هل تتوفر أجهزة حاسوب وموارد رقمية؟ هل تتوفر صنابير للمياه وأحواض لتنفيذ بعض التجارب العلمية؟
- التجهيز المتكامل المسبق للمحطات بحيث يشمل هذا التجهيز تعليمات المحطة، أوراق العمل، مصادر للقراءة، ويفضل أن تميز كل محطة بلون مختلف وأن ترتب هذه الأوراق في سلال ملونة لمزيد من التنظيم.
- يفضل أن يتم تقسيم الطلاب في مجموعات صغيرة غير متجانسة بحيث تضم طالبين أو ثلاثة وذلك أضمن لعدم حدوث الفوضى؛ كما أن المجموعات غير المتجانسة تؤدي إلى دعم الطلاب الضعاف من قبل الطلاب الأعلى مستوى.
- تدريب الطلاب جيداً بكيفية العمل أثناء المحطات العلمية وقبلها وبعدها، وإخبارهم عما سيفعلونه وماذا يُتوقع منهم القيام به، مثل كيف يحصلون على المواد؟ كيف يعملون معًا داخل المجموعة؟ ماذا يفعلون إذا كانت هناك مشكلة؟ كيف ينظفون المحطات العلمية قبل مغادرتها؟
استراتيجية المحطات العلمية في الميدان
استراتيجية المحطات العلمية تمثل خياراً مثالياً للدروس المعملية المتضمنة في الوحدة الدراسية؛ حيث أن ضيق الوقت قد يحول دون تقديم كل تجربة في حصة مفردة، إضافة لنقص أدوات بعض التجارب؛ لذلك فقد تلجأ المعلمة إلى توظيف هذه الاستراتيجية لتقديم تجارب وحدة دراسية كاملة خلال حصة أو حصتين، وذلك من خلال تجهيز المحطات العلمية في المعمل بحيث تحتوي كل محطة على تجربة واحدة بالإضافة إلى أوراق عمل التجارب؛ وتنفذ المعلمة خطوات الاستراتيجية كاملة كما هي، كما أن توظيف استراتيجيات محطات التعلم في مراجعة التجارب العملية في ختام المنهج يُعد فعالاً للغاية بحسب تجربة الباحث .
وفي ظل ظروف التعلم عن بعد والذي أصبح وسيلة التدريس الأساسية في معظم الدول مؤخرا كان لابد من التخطيط لتنفيذ طرائق وأساليب مبتكرة تتناسب مع التعلم عن بعد وتزيد من دافعية الطلاب نحو هذا النوع من التعليم غير المعتاد من قبلهم وتصميم نماذج تدريس تهدف إلى إكساب الطلاب المهارات المطلوبة بفاعلية.
من هنا جاءت فكرة محطات التعلم الافتراضية وذلك من خلال تصميم نماذج تدريس تتناسب مع أدوات التعلم المتوفرة لدى الطلاب، تنمي خبرات الطلاب ومهاراتهم، تكسبهم مهارات القرن الحادي والعشرون وتحقق الأهداف التعليمية المنشودة بفاعلية.
تابع المقال على موقع الموجه التربوي