عندما كنت في الصف الثاني قرأت إحدى قصص “توم سوير” (Tom Sawyer) والتي كانت تحمل عنوان “يمكن للعمل أن يكون مسلياً” (work can be fun)، وبما أنَّني كنت طفلاً في ذلك الحين لم أستطع فهم المعنى الحقيقي لهذه القصة. أمَّا الآن عندما أرى الطلاب في المدرسة أو الأشخاص في جلسات التدريب، فإنِّي أشعر بأنَّهم متعبون للغاية وغير مهتمين بالمحاضرات. فكلُّ ما يقومون به هو الذهاب إلى المدرسة، والعودة منها، والقيام بواجباتهم المنزلية. لقد أصبحت هذه العملية مجرد عمليةٍ آليةٍ روتينية، لذلك يجب أن تُقدَّم الدروس إلى الطلاب بطريقةٍ تجعلهم يشعرون أنَّ ما يقومون به عملٌ مسلٍّ وأنَّ المواد التي يدرسونها موادٌ مسليَّة. لذلك أقدم لك بعض النصائح التي تجعل التعلم عمليةً أكثر إمتاعاً. تابع قناة النجاح نت على يوتيوب
- تفاعل مع الطلاب:
دائماً ما نسمع هذا السؤال: لماذا ننام في أثناء درس التاريخ؟ لأنَّ مادة التاريخ ليست مادةً مسلية. ولكن لماذا؟ لأنَّ المعلم يقوم في معظم الأحيان بقراءة الدرس أو يطلب منَّا قراءته فقط. ولكن ماذا لو تفاعل المعلم مع الطلاب في أثناء الدرس؟ سيشعر الطلاب حينها بأنَّهم جزءٌ مهمٌّ من هذا الدرس، وسيتمكن المعلم بذلك من معرفة ما إذا فهم الطلاب الدرس أم لا، وما إذا كانوا متيقظين، ومهتمين أم لا. فالتفاعلات البسيطة تجعل الدرس أكثر حيويةً، تتيح للمعلم الفرصةً لمعرفة ما إذا كانت جهوده تؤتي ثمارها أم لا ؟
- اجعل من درسك قصةً ترويها لطلابك:
يحبُّ كلُّ الطلاب الاستماع إلى القصص سواء أكانوا طلاباً في روضة أو طلاباً في مرحلة الماستر، فعندما نقوم بتقديم الدرس عن طريق روايته كقصة، فإنَّ ذلك سيجعله أكثر إمتاعاً وبالتالي سيستوعبه الطلاب بشكلٍ أكبر. على سبيل المثال، إذا كنت تعطي درساً عن المسرح، اطلب من الطلاب تجسيد الشخصيات وتأدية الحوارات وبذلك ستتكون لديهم الرغبة في فهم ما يجري من أحداث بشكل عملي. وإذا كنت تعطي درساً في العلوم وكان درسك عن الكيمياء العضوية للصف الحادي عشر، اجعل كل طالب يجسِّد مُركَّباً كربونيَّاً، واصنع قصةً من التفاعلات الكيميائية. يتطلب ذلك الكثير من الإبداع، ولكنَّه يترك أثراً عميقاً في أذهان الطلاب.
- استطلع آراء الطلاب:
تعامل مع كل واحدٍ من الطلاب بشكلٍ شخصي واسألهم عن آراءهم في كلِّ شيء، سيشعر كل واحدٍ منهم حينها بأنَّه جزءٌ من الدرس. فلنفترض مثلاً أنَّك تعطي مادة الأدب الإنكليزي وأنَّك أنهيت أحد دروسك للتوّ، اسأل الطلاب ماذا سيفعلون لو كانوا في مكان الشخصية المركزية في الرواية. أو في حال كان الدرس حول قضية اجتماعية، تناقَش مع الطلاب حول وجهات نظرهم، واجعلهم يشعرون بأنَّ ما يتم تعليمهم إيَّاه ليس هدفه التعليم فحسب بل هو أيضاً لأجل تطوير عملية التفكير لديهم.
- وزِّع انتباهك بين الطلاب:
إحدى الممارسات المُنتشرة بين المعلمين هي أنَّهم إما يركزون على الطالب الألمع في الصف أو على الطالب الكسول ويتجاهلون الطالب ذا المستوى المتوسط.
أوَّلاً، يجب التنويه إلى أنَّ جميع الطلاب متساوون في الإمكانات وأنَّهم جميعاً في حاجةٍ إلى دفعةٍ فقط للانطلاق. عندما نقسِّم الطلاب إلى أصناف ونوزِّع انتباهنا بطريقة منحازة، سيشعر حينها ما يسمى بالطلاب ذوي المستوى المتوسط بأنَّهم مُهمَلون، وسيفقدون غالباً اهتمامهم بالدرس، وسيصبح الدرس بالنسبة إليهم مملَّاً لأنَّ المعلم لا يهتم بهم. أنا لا أطلب منك هنا توبيخ هؤلاء الطلاب أو تجاهُل الطلاب ذوي المستوى المنخفض، ما أقصده هو أن تتيح الجميع فرصاً متكافئة.
- لا تتصرف بطريقةٍ رسميةٍ في الصف:
لا شكَّ أنَّ التدريس هو وظيفة رسمية وأنَّ المعلم يجب أن يحظى باحترام الطلاب، ولكنَّ هذا لا يعني أن تتصرف بشكلٍ رسميّ في أثناء تقديم الدروس، فالطلاب يحتاجون إلى أستاذ وليس إلى دكتاتور. اضحك عندما تكون في الصف، وتحدث بأسلوب غير رسمي، واستخدم نبرة صوتٍ تجعل الطلاب يستمتعون في أثناء الاستماع إلى درسك. لا تتحدث في الصف وكأنَّك تقرأ نشرة أخبار، بل كُنْ كمذيع الراديو، معبِّراً ومفعَماً بالحيوية. لا تكن شخصاً يخشاه الطلاب، بل كن شخصاً يحترمه الطلاب ويحبونه وهذا ما لا يمكنك الوصول إليه إلا إذا كنت تتصرف بطريقةٍ غير رسمية وبعيدةٍ عن التحيز، عندها سيهتم الطلاب بدرسك بشكلٍ أوتوماتيكي.
- استفد من الوسائط المتعددة:
تُعَدّ الوسائط المتعددة ذات فائدةٍ كبيرة في جميع المجالات، ألا تشاهد الإعلانات التي تُعرض على القنوات التلفزيونية؟ إنَّ الفكرة التي تقف وراء مثل هذه الإعلانات هي أنَّه عندما يتجسَّد شيءٌ ما أمام أبصارنا ففي إمكاننا فهمه والتعامل معه بشكلٍ أفضل. وإذا كنا قادرين بالطريقة نفسها على جعل الطلاب يرون ما يتعلمون فإنَّنا سنكون قادرين على جعلهم يفهمونه بشكلٍ أفضل، وبالتالي سيهتمون بالدرس بشكلٍ أكبر. قد يتضمن ذلك بعض المقاطع الصوتية، أو بعض مقاطع الفيديو من اليوتيوب، أو أيَّ شيءٍ آخر، حيث تتوافر في هذه الأيام العديد من الدروس الإلكترونية المجانية عبر الإنترنت. كل ما يتوجب عليك فعله فقط هو تحميل الفيديو وجعل الطلاب يشاهدونه. إذا كنت تعلِّم الطلاب ما قاله يوليوس قيصر في إحدى المسرحيات على سبيل المثال، ففي إمكانك أن تعرض عليهم مقطع فيديو حول المسرحية وبذلك ستزداد قدرة الطلاب على الفهم وسيكونون قادرين على تخيُّل الشخصيات ومجرى الأحداث. اقرأ أيضاً: 15 قطعة إلكترونية يحتاج إليها الأطفال مع العودة إلى المدارس
- استخدم النماذج والجداول:
عندما كنت في الصف العاشر كان مدرِّس العلوم يتكلم عن القلب، والأوردة، والشرايين. المشكلة الأساسية هي أنَّني لم أفهم بشكلٍ دقيق ما كان يقوله المُدرِّس إلى أن أخذَنا إلى المخبر وأرانا نموذجاً واقعياً للقلب. عندما نستخدم النماذج فإنَّنا سنفهم بشكلٍ دقيق ما نحاول تعلمه وما يحاول المعلم توضيحه لنا.
- استخدم الحوافز:
نعرف جميعنا مدى تأثير الحوافز في أدائنا في أثناء العمل. وبالمثل، فإنَّنا عندما نقدم للطلاب بعض الحوافز التي تدفعهم إلى العمل بجد، فإنَّ هذا لن يؤدي إلى إشعال روح المنافسة لديهم فحسب، بل وسيجعلهم مهتمين بالدرس أيضاً. فلنفترض مثلاً أنَّك تعطي درساً في الرياضيات، وأنَّك أخبرت الطلاب أنَّ من يحلُّ هذا السؤال أولاً سيصبح عريفاً للصف أو سيحصل على قطعة من الشوكولا. سيكون الطلاب سعيدين جداً بحل المسألة والحصول على قطعة الشوكولا. صدقني إنَّ هذه الخدعة فعالةٌ جداً بغض النظر عن عمر الطلاب.
- الألعاب:
قد يبدو هذا غريباً، ولكنَّ اللعِب في الصف سيزيد من ذكاء الطلاب، وسيجعل الدرس أكثر إمتاعاً. على سبيل المثال، إذا كنت تعطي الطلاب درساً في اللغة الإنكليزية، أعطهم خمس دقائق واطلب منهم أن يقوموا خلالها بصياغة أكبر عددٍ من الجمل التي تتضمن كلماتٍ لها التهجئة نفسها واللفظ نفسه ولكنَّ معانيها مختلفة. حتى وإن كنت تدرِّس أيَّ شيءٍ آخر مرتبطٍ بالقواعد، ولنفترض أنَّه التوافق بين الفاعل والفعل، أمسك كرةً إسفنجية واقرأ الجملة، ومن ثمَّ ارمِ الكرة إلى أيِّ طالب ومن يلتقطها سيجيب عن السؤال، ومن ثمَّ عليه أن يرميها هو إلى طالبٍ آخر وهكذا تستمر اللعبة. هذه العملية تخدم الهدف التعليمي وتنشر في الوقت نفسه جواً من التسلية داخل الصف. اقرأ أيضاً: أضرار وفوائد الألعاب الإلكترونيّة للطفل
10-الأنشطة الصفية:
إنَّ التنوع هو ملح الحياة، حيث يبحث الطلاب عن شيءٍ جديد في كلِّ مرةٍ يكونون فيها في الصف؛ شيءٍ جديدٍ ليتعلموه، وبعض الطرائق الجديدة لجعل الوظائف أكثر إمتاعاً، وبعض المشاريع الجديدة، وأحياناً بعض الأشياء الجديدة التي لم يكونوا يفكرون في تعلمها. في كلِّ مرةٍ تذهب فيها إلى الصف، خطط مسبقاً للقيام بنشاطٍ ما. أيُّ شيءٍ ممكن، كلعبة “الأكس أو” مثلاً أو الرسومات الفكاهية. اسمح لطلابك بالقيام بمثل هذه الأنشطة فهي ستجعلهم يشعرون بالحماسة التي ترغب منهم أن يشعروا بها وسيكون الدرس أكثر إمتاعاً بالنسبة لهم.
11- التفاعل بين المتعلم-المحتوى
يقوم على مبدأ عمل شيء ما في المحتوى مثل الاستماع، القراءة كجزء من عملية التفاعل، ولكن يطلب من المتعلم أكثر من أجل أن يتم التفاعل. الموقف السلبي من التعلم بأن تكون مستلما للمعلومات ليس كافيا للتعلم عن بعد، لا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار عند تصميم المقرر وهو خلق بيئة للتعلم النشط أي أن يقوم المتعلم بعمل ذو معنى يتعلق بالمحتوى التعليمي وبناء معرفة جديدة. بعد الانتهاء من متابعة المحاضرة أو قراءة المحتوى، يطلب من المتعلم مثلا
تلخيص الموضوع
إنشاء عرض تقديمي أو فيديو قصير عن أهم المفاهيم التي تعلمها وكيف سيستفيد منها مستقبلا
المشاركة في نشاط تفاعل مزدوج: يطرح المعلم سؤالًا، ويطلب من المتعلمين تدوين بعض الملاحظات بشكل مستقل لتكوين أفكار أولية، وتوزيع المتعلمين على مجموعات افتراضية، ثم يتم تحديد يوم للقاء افتراضيا عبر المنصات المباشرة لعرض إنتاج الطلبة ومناقشتهم
يستطيع الطلاب استثمار اللوح الأبيض Whiteboard لتدوين أهم المفاهيم والمصطلحات في المحاضرة. الكثير من المنصات المباشرة توفر خاصية السبورة البيضاء مجانا
إعطاء الطلبة فرصة لقيادة المناقشة عبر المنصات المباشرة
بالإضافة الى ذلك وبالاعتماد على طبيعة المحاضرة أو المادة التعليمية، يمكن تكليف المتعلمين بتنفيذ المهام التالية
القيام بمهام ميدانية وكتابة تقرير عن الزيارة أو إنتاج فيديو قصير عن الزيارة
كتابة تقرير عن مشكلة من الحياة اليومية للطالب من البيئة لها علاقة بالمحاضرة
العمل على تحليل بيانات وكتابة التصورات بناء على تلك البيانات
إعداد وتقديم عروض وسائط متعددة
إنشاء الرسوم البيانية، وصفحات الويب، ومشاركات المدونات، والمجموعات، جمع صور ذات علاقة بالمحاضرة
ملاحظاتكم تهمنا في ما نقدمه لكم
One thought on “طرق يمكن للمعلمين اتّباعها لجعل التعليم أكثر متعة”
Comments are closed.
والله كل ما ذكر في صمبم العملية التعليمية /التعلمية،شكرا استاذ