المقاربة بالكفاءات والمهارات في التعليم
يعـــد أســـلوب التـــدريس بالكفـــاءات مقاربـــة حديثـــة في تطـــوير العمليـــة التعليميـــة ومكملـــة لاستراتيجية التدريس بالأهداف . تعتـبر مقاربـة التـدريس بالكفـاءات إسـقاطا للنظريـة البنائيـة، كمـا أن هـذه المقاربـة تتبـنى أسـلوب حـل المشـكلات في التـدريس؛ لـذا فـإن التـدريس وفـق هـذه المقاربـة يسـتلزم بالضـرورة امـتلاك المعلـم كفـاءات مهنيـة أو قـدرات تسـمح لـه بتهيئـة وضـعيات ومواقـف تعليميـة ـ تعلميـة تسـاعد التلميـذ علـى اكتسـاب كفاءات ومعارف ومهارات بشكل وظيفي، كما تمكنه من تقويم أداء المتعلم تقويما موضوعيا .
مفهـوم الكفـاءة: يعـد مفهـوم الكفـاءة مـن المفـاهيم الـتي يصـعب تحديـدها بدقـة، فهـو مفهـوم متشـعب تشتر ك فيه عدة ميادين (علـم الـنفس، علـم الإدارة، التكـوين المهـني..) فـإذا حاولنـا حصـر معـنى مفهـوم (الكفاءة) في أدبيات التخصصات المختلفة نستخلص المعنى العام للكفاءة بالنسبة للمتعلم : بأنها قدرة المتعلم على مواجهة وضعيات ومواقف تربوية مختلفة، كل وضعية تفضي إلى إنجاز عمل محدد يوظف فيه المتعلم: جملة المعارف المنظمة، بأسلوب يبـرز اسـتقلاليته فـي التوصـل إلى الحل وحسن الأداء ووعيه بأهمية وفائدة المهارة والكفاءة المكتسبة ]. وهناك تعاريف أخرى للكفاءة نذكر منها :
- الكفـاءة هـي القـدرة علـى التجنيـد الفعال لمجموعـة مـن المعـارف والمهـارات والمواقـفبهدف حل مشكل أو إنجاز مشروع .
- الكفاءة هي سلوك مركب ومنظم يتطلب تعبئة قدرات ومهـارات فـي المجـالات المعرفيـة، والمهاريـة، والوجدانيـة…، مـن أجـل مجابهـة موقـف معـين أو حـل إشـكال مطـروح فـي المجـال المدرسي أو المهني أو الاجتماعي .
وقد لخص بعض الباحثين المميزات التي يمكن أن تعتمد كمعالم للتعرف على (الكفاءة) في الآتي :
- تتجلى الكفاءة من خلال نتائج يمكن ملاحظتها .
- 2- تتطلب الكفاءة عدة مهارات.
- الكفاءة مفيدة ولها قيمة على المستوى الشخصي والاجتماعي والمهني.
- الكفاءة مرتبطة بإنجاز نشاطات تمارس في حالات واقعية.
- 5- الكفاءة تسمح بالاستفادة من المهارات .
هناك ثلاث كلمات مفتاحية تعتبر الأسس التي تشكل مفهوم الكفاءة :
- الفعـل: أي قـدرة المـتعلم علـى الفعـل، وإنجـاز نشـاط بصـورة جيـدة، مـع إدراكـه لفائـدة الـتعلم، والنشاطات الأكثر توافقا مع المقاربة بالكفاءات (إنجاز مشاريع، إيجاد حلول لمشـاكل معقـدة، إعداد تقارير.. الخ )
- 2- الفهم: إذا كان مفهوم الكفـاءة يركـز علـى الأداء والإنجـاز فـإن الجانـب الخفـي في هـذا الموضـوع يتمثــل في اســتيعاب المعــارف وتوظيفهــا بشــكل مناســب، فــلا يمكــن للمــتعلم أن ينجــز فقــرة صحيحة من غير إلمامه بالقواعد.
- 3- الاسـتقلالية : تتجلـى مظـاهر اكتسـاب المـتعلم لكفـاءة مـا في النتـائج الـتي يتحصـل عليهـا وفي حسن الأداء، وليس هناك من مؤشر يدل على حصول إدماج التعلم غير الاستقلالية .
ملاحظات عامة حول مفهوم الكفاءة :
- إن امـتلاك الكفـاءة لـيس مرادفـا لاكتسـاب المعـارف لكنهمـا عبارتـان متكاملتـان تكـاملا جيـدا إذ تمنح إحداهما الأخرى معنى وقيمة .
- إن الكفاءة ليست مرادفة للمهارة فالكفاءة تتضمن مجموعة من المهارات
- – إن الهـدف الرئيسـي للتـدريس بالكفـاءات هـو أداء مهـام، حـل مشـكلات، إنجـاز مشـاريع..، مـن قبل المتعلم .
- – إن الكفاءة التي يكتسبها المتعلم في حاجة دائمة للتطوير والتعديل والتدعيم ..
- – إن الكفـاءة لا تحـددها وضـعية واحـدة مـن الموقـف التعليمـي، إنمـا تحـددها مجموعـة مـن الوضـعيات التعليمية المتداخلة.
مثلا : لإصلاح محرك يجب أن يتعلم الشخص مجموعة من المهارات: مهـارة تحديـد مكونـات المحرك، مهارة تفسير وظيفة كل جزء، مهارة استعمال المفاتيح لتفكيك وتركيب القطع..الخ لكن هل اكتساب كل المهارات كاف لامتلاك كفاءة “إصلاح المحركات .
- مـن الخطـأ أن نظـن بـأن شخصـا يمتلـك كـل المهـارات المطلوبـة حتمـا يمتلـك الكفـاءة، فعمومـا لا يكون الأمر كذلك لأن الكفاءة والمهارة ليستا من نفس المستوى
- – وإذا قلنـا: أن الكفـاءة تفـوق مجمـوع المهـارات فـإن هـذا يسـتلزم أن نضـع التلميـذ في مواقـف واقعيـة تسمح له بأن يجرب مدى كفاءته .
- – إن التمييز بين الكفاءة والمهارة لا يتوقف فقط على الفعل المستعمل .
مثلا: إذا قلنا :
أ- أنجز المتعلم عقدة تمثل مهارة حس ـ حركية .
ب- أما إذا قلنا أنجز المتعلم تصميم منزل تمثل كفاءة .
وذلك لأن إنجاز عقدة بواسطة حبل..، عمل بسيط لا يتطلب عـدة مهـارات في حـين إنجـاز تصميم منزل يتطلب العديد من المهارات .
- تتضمن الكفاءة المجالات (المعرفية، المهارية، الوجدانية) في آن واحد فقد يطغى علـى كفـاءة معينـة أحد المجالات الآنفة لكن في الواقع كل كفاءة تحتوي ضمنيا بقية المجالات .
المقاربة بالكفاءات ومبادئ وأسس التدريس :
- جعل المتعلم محور العملية التعليمية ـ التعلمية: أي أننا ننطلق من ميوله واتجاهاته وقدراتـه ومعارفه السابقة وطموحاته وحاجاته…، ونشركه في تحمل مسؤوليات العملية التعليمية.
- 2- ربـط العمليـة التعليميـة بالحيـاة اليوميـة للمـتعلم: إن الأسـلوب الفعـال للـتعلم يقـوم علـى جعـل المتعلم يعيش وضعيات تعليمية مستوحاة من حياته اليومية، في صورة مواقف وأشكال جديرة بالدراسة والاهتمام.
- يحــدث الــتعلم علــى نحــو أفضــل عنــدما نواجــه المــتعلم ونتحــدى قدراتــه: بموقــف مشــكل حقيقي أي له علاقة بحياته اليومية ويمثل معنى بالنسبة له.
- يبني المتعلم معنى ما يتعلمه بناء ذاتياً : فالمتعلم يشكل المعنى داخـل بنيتـه المعرفيـة في ضـوء رؤيتـه الخاصة به، فالأفكار ليست لها معان ثابتة لدى الجميع.
- 5- الــتعلم عمليــة فرديــة واجتماعيــة فــي آن واحــد: حيــث يتفاعـل المعلــم مـع غــيره مـن المتعلمــين ويتبادل معهم المعاني فيؤدي ذلك إلى نمو وتعديل أبنيته المعرفية.
- 6- تجسيد مبدأ (أتعلم كيف أتعلم؟) في سلوك المتعلم: من خلال حثه على الملاحظة والتفكـير، وتدريبه على مقارنة أدائه بغيره هذا ما يثير لديه الرغبة الذاتية للتعلم وينمي دافع الإنجاز لديه.
أنواع الكفاءات
- الكفـاءة القاعديـة (الـدنيا، البسـيطة): وهـي عبـارة عـن الكفـاءة الـتي ترتكـز عليهـا الكفـاءات اللاحقــة مثــل القــدرة علــى القــراءة والكتابــة والرســم، ومبــادئ الحســاب…، أومعرفــة المبــادئ الأساسية لعلم من العلوم. 2- الكفاءة المرحلية: هـي الكفـاءة الـتي تتوسـط الكفـاءات القاعديـة والكفـاءة الختاميـة، فهـي ذات مستوى أعلى من القدرات والمهارات والأداءات التي تشكل المكونات الأساسية للكفاءة، وفي نفس الوقت لا تمثل الكفاءة النهائية.
3-الكفاءات الختامية: (النهائية ) وتمثل الهدف العام أي الكفاءة التي يمكن أن يكون المتعلم قاد على القيام بها في نهاية المساق الدراسي؛ ويرى البعض بأنها مجموع الكفاءات المرحلية التي يتم بناؤها وتنميتها خلال سنة دراسية أو طور (مرحلة دراسية).
4-الكفـاءة العرضـية (الأفقيـة): وهـي مجمـوع المواقـف والخطـوات الفكريـة والمنهجيـة المشـتر كة بـين مختلـف المـواد، أي الـتي تتقـاطع فيهـا المعـارف وتـدمج المجـالات المرتبطـة بمـادة دراسـية واحـدة أو أكثــر أو هـي تركيــب مجموعـة مـن الكفــاءات المتقاطعـة في مجـال معــرفي واحـد أو أكثـر مــثلا: القـراءة (كفـاءة عرضـية) لأنهـا أداة في العديـد مـن المـواد اللغويـة والعلميـة.
المقاربة بالكفاءات والمهارات وخطوات التدريس :
الخطوة الأولى: تحديد الهدف أو ما يعرف بـ « : الكفاءة الختامية »، فلا يمكن إكساب المتعلم أيـة كفاءة ما لم يكن الهدف محدد بدقة وفق شروط الهدف الإجرائي، وأن يدرك المتعلم ما هو منتظر منـه بالضبط .
الخطـوة الثانيـة: تحديـد المهـارات القبليـة: أي تحديـد المكتسـبات والمعـارف القبليـة، فـتعلم أي كفـاءة يرتكز على المهارات والكفاءات التي تعلمها التلميذ سابقا، فبقـدر مـا تكـون مكتسـباته السـابقة جيـدة يسهل تعلمه اللاحق الخطـوة الثالثـة: تحديـد الكفـاءة بدقـة: أي تعريـف الكفـاءة المـر اد تعلمهـا تعريفـا شـاملا تحـدد فيـه نـوع الكفاءة، مجالها (معرفي، مهاري، وجداني) ومستواها، وطريقة أدائها، والوسائل المستعملة فيها… .الخ
الخطوة الرابعة: تحليل الكفاءة: أي تحديد المهارات الجزئية المكونة لها، فعلى المعلـم أن يسـتخلص كـل المهارات الضرورية التي يجب أن يتقنهـا التلميـذ كـي يكتسـب الكفـاءة المحـددة، ويتطلـب تحليـل الكفـاءة الجوانب التالية :
أ- تحديد مكونات الكفاءة .
ب- تحديد أهم العوامل المساعدة على اكتسابها .
الخطوة الخامسـة: تحديد أهم المؤشرات الدالة علـى تعلـم الكفـاءة بالفعـل: أي مـا هـي السـلوكيات والأداءات التي تظهر عند المتعلم لنحكم عليه بأنه اكتسب الكفاءة المراد تعلمها؟
الخطـوة السادسـة: تعتمـد مقاربـة الكفـاءات والمهـارات علـى طريقـة حـل المشـكلات: وتتمثـل في وضـع المـتعلم أمـام وضـع أو موقـف جديـد يتطلـب التفكـير في طرائـق مختلفـة وخيـارات متعـددة للحـل، واتخـاذ القـرارات المناسـبة وتجريـب الحلـول المختـارة، وتقـويم النتـائج، فـلا يجـوز إعطـاء التلاميـذ خطـوات الحل، أو أن نطلب منهم تكرار خبراتهم أو إعادة حل مشكلة معروف حلها لديهم سابقا .
الخطــوة الســابعة: تحديــد الأنشــطة التعليميــة: علــى المعلــم أن يبــني مجموعــة مــن الأنشــطة التعليميــة والتــدريبات.. المســاعدة علــى اكتســاب الكفــاءة المحــددة، ويفــترض في هــذه الأنشــطة أن تثــير اهتمــام المتعلم، وأن تتناسب مع قدراته وميلوه واتجاهاته .
الخطـوة الثامنـة: ـتقويـم الكفـاءةـ تنطلـق عمليـة تقـويم الكفـاءة مـن مبـدأ بسـيط هـو(أنـا = مـا أعـرف فعله) أي أن قيمة الشـخص تتمثـل فيمـا هـو قـادر علـى أدائـه بشـكل جيـد . ولا وجـود للكفـاءة إلاّ مـا تأكد منها وتجلى في الأداء، لأن الكفاءة تستمد وجودها من الفعل؛ ومن هنا يجـب أن يكـون تقويمهـا م أداء المـتعلم مـن خـلال قدرتـه علـى الـتحكم في الوضـعيات العامـة ّ تقويمـا تكوينيـا وتأهيليـا، أي أن نقـو التي تظهر في الأداء الملموس (قرارات، حلول، إنجازات…).
المقاربة بالكفاءات وشروط الاختبار :
- أن تتنـاول عناصـر الاختبـار تقويمـا لإنتـاج التلاميـذ: أي تعكـس قـدرة أداء التلاميـذ في كفـاءة معينة .
- أن تعكس أسئلة الاختبار وضعيات وإشكاليات من الحياة اليومية.
- 3- أن تكون أسئلة الاختبار شاملة، أي تشمل كل المهارات والكفاءات المكتسبة.
- 4- أن تكون لغة أسئلة التقويم واضحة دقيقة سهلة وسليمة من الأخطاء.
- أن يكون هناك تكافؤ بين حجم الأسئلة والوقت المخصص للاختبار.
- 6- أن تميـز الأسـئلة فعـلا بـين التلاميـذ الـذين تحقـق فـيهم مؤشـر الكفـاءة وأولئـك الـذين لم يتحقـق فيهم هذا المؤشر.
- أن يضع الأستاذ سلما دقيقا للتنقـيط تقـيس كـل نقطـة فيـه مؤشـرا فعليـا للكفـاءة الـتي اكتسـبها المتعلم.
2 thoughts on “المقاربة بالكفاءات والمهارات”
Comments are closed.
التدريس بالمقاربة بالكفايات جاءت بعد اعتما النظرية البناءية لجان بياجيه،بعد المقاربة بالاهداف،وقد تكونا فيها مع الخبير الدولي كزافيي،ثم في سنة 2014الى غاية2016مع الخبير الدولي ايضا البلجيكي برنارد راي،ومنذ ذلك الحين نحاول تجسيدها في تعليمنا، بكل مباءها وانواعها،حيث اصبح التدريس بالوضعيات التعليمية/التعلمية،ومع حلول سنة 2020شرعنا في تكوين جديد يعد اتدادا وتعزيزا للمقربة بالكفايات و هي مهارات القرن الحادي والعشرين(التفكير الناقد،التفكير الابداعي،التواصل والتعاون،المواطنة والرقمنة)تكونا على ايدي الخبراء البريطانيين،مع الخبيرة الدولية اللبنانية رولا خداج والخبيرة البريطانية بات لا اذكر اسمها الثاني،،وطبعا نحن بصدد تطبيق ذلك في نظامنا،الا ان هذه الجاءحة احدثت بعض الاختلالات،شكرا استاذي على المعلومات،لقد افدتنا كثيرا،
سكرا لتعليقك الرائع بالطبع التدريس بالمقاربه بالكفايات يعمل به بالجزائر والمغرب