أهداف التعليم :
إن دراسة الأهداف التعليمية المسطرة تعطي للمخطط التربوي فكرة واضحة عن المسار المحدد للسياسة التربوية بصفة عامة. وينطلق المخطِط في صياغة خطته من خلال الوقوف على مدى تحقيق الأهداف المسطرة، ومدى قابلية الواقع بكل مجالاته لتحقيق أهداف جديدة. والأنظمة التربوية متفاوتة في أهدافها التربوية بين من يركز على الجانب الكمي ومن يتجاوز ذلك إلى تحقيق أهداف نوعية، وما يهم المخطط التربوي في كل هذا الأهمية الكبيرة التي تحتلها الأهداف في توجيه القائمين على النظام التربوي نحو توفير مختلف الوسائل الكفيلة بتحقيقها، من هياكل ومناهج ووسائل تعليمية وغيرها. ويمكننا القول في هذا اال أنه كلما كانت الأهداف السابقة واقعية وقابلة للتحقيق، كلما سمح ذلك للمخطط التربوي أن يحدد أهدافا جديدة تزيد من مستوى أداء النظام التربوي على كافة المستويات
المناهج الدراسية :
تتمثل أهمية المناهج الدراسية في كونها المحك العملي الأدائي للحكم على مدى تحقق الأهداف التربوية، وهي المادة المعرفية التي يتزود بها المتعلمون. وعلى المخطط التربوي أن يكون مطلعا اطلاعا جيدا على هذه المناهج، ويحدد مستواها ومدى قدرة المتعلمين على استيعابها، وهذا حتى تكون خطته مبنية على أسس سليمة فيما يتعلق بالجانب المعرفي والسلوكي للتلاميذ .
هيكلة التعليم وتنظيمه :
غالبا ما تتضمن الإصلاحات التربوية الشاملة إعادة النظر في هيكلة التعليم، كما وقع مؤخرا في الجزائر حيث تم تغيير مدة التعليم الابتدائي من ست إلى خمس سنوات ومدة التعليم المتوسط من ثلاث إلى أربع سنوات، وأعيد تنظيم الشعب في التعليم الثانوي، وهي كلها تغييرات هيكلية وتنظيمية. ويحتاج المخطط التربوي إلى معرفة مدى حاجة النظام التربوي إلى هيكلة وتنظيم جديد للتعليم، ولا يتسنى له ذلك إلا إذا تأكد من عدم فعالية الهيكلة الحالية، بناء على معطيات نفسية بيداغوجية واقتصادية واجتماعية
الوسائل التعليمية :
تعتبر الوسائل التعليمية من المؤشرات الهامة على مدى تطور النظام التربوي، فكلما كانت هذه الوسائل مواكبة للتطورات الحاصلة ومؤدية لنتائج أكثر إيجابية كلما أمكننا الحكم على العملية التعلمة ي التعليمية أنها في الطريق الصحيح من حيث الأداء، وعلى المخطط التربوي أن يراعي في خطته ضرورة إدخال وسائل تعليمية حديثة شريطه أن تلتزم الهيئات الوصية على توفيرها وتحقق كفاءة المعلمين في حسن استخدامها، وفي حالة العكس فإنه يقدم بدائل تمكن من التحسين التدريجي في نوعية الوسائل وضمان استعمالها على الوجه المطلوب .
الإدارة المدرسية :
لقد أصبح التسيير الإداري علما قائما بذاته، والمدير الناجح هو الذي يستطيع أن يتحكم في فريقه البيداغوجي ويوجهه التوجيه السليم نحو السير الحسن للمؤسسة. ومن مستلزمات الخطة الجيدة أن يكون المخطط ملما بأساليب التسيير الحالية، حتى يعرف ما هي التعديلات التي ينبغي القيام بها من أجل تسيير الإدارة المدرسية بطرق أكثر تحقيقا لعلاقة تفاعلية قوية بين الإدارة والمستخدمين من جهة، وبينها وبين التلاميذ من جهة أخرى .
الكتب المدرسية
الكتاب المدرسي وسيلة تعليمية لا يمكن الاستغناء عنها، وهي وسيلة تجسيد المناهج الدراسية، بحيث تتناول بشكل عملي كل ما تم تخطيطه في هذه المناهج ويعتبر للتلميذ واجهة المادة التي يدرسها فلكما كان جيدا من حيث الشكل والمضمون كلما سمح ذلك للتلميذ بتعلم أفضل . .
وعلى المخطط التربوي أن يكون صورة واضحة حول هذه الكتب، حتى يعرف المكانة التي أن تحتلها في خطته، فهل ينصح بتغييرها أم بتعديلها أم بإبقائها على ما هي عليه، ولا يتأتى له ذلك دون تقييم الكتب الحالية وتقديم المبررات العلمية لإجراءات التي نصح باتخاذها
الاعتناء بالموهوبين والمتفوقين وذوي الاحتياجات الخاصة : وفي هذا المجال ينطلق المخطط التربوي من المشكلات الواقعية في التعامل مع هذه الفئات ليقدم الاقتراحات الكفيلة بتحديد كيفية الاعتناء بهم. فهل تخصص لهم مؤسسات خاصة أم يدمجون في المؤسسات العادية ويفصلون عن بقية التلاميذ، وما هو نوع التكوين الذي يتلقاه معلموهم؟ إلى غير ذلك من التساؤلات التي ينبغي أن يجيب عليها إجرائيا في مخططه التربوي
مستوى المعلمين وكيفية تكوينهم
لا يمكن تحقيق نظام تربوي فعال دون الاهتمام بمستوى المعلمين وكيفية تكوينهم. وفي هذا المجال على المخطط التربوي أن يدرس بعمق واقع تكوين المعلمين وشروط توظيفهم، ويقف على تأثير هذا الواقع في مستوى تحصيل التلاميذ وتحقيق الأهداف التعليمية، ويقترح تبعا لذلك كيفية الرفع من هذا المستوى ومدى ضرورة تغيير برامج التكوين وشروط التوظيف حتى يحقق النظام التربوي أهدافا أفضل فيما يتعلق بتحسين مستوى المتعلمين
مراحل التخطيط التربوي
1-البحث والاستقصاء
وفي هذه المرحلة يقوم المخطط التربوي بدراسة: “الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسكاني داخل المجتمع. والتعرف على أهم البنى الاقتصادية والاجتماعية والسكانية والتربوية”. كما تتم فيها دراسة الوضع التعليمي من كافة جوانبه من أجل معرفة مواطن القوة ومواطن الضعف ومعرفة مدى تحقق أهداف الخطة السابقة، وكذلك الوقوف على أهم مؤسساته وكافة مكوناته وتقييم كل منها خاصة ما تعلق منها بالمناهج الدراسية والوسائل التعليمية والإدارة المدرسية والتوجيه والإشراف التربوي والأبنية إن هذه المرحلة تعتبر مرحلة أساسية من مراحل التخطيط التربوي، تظهر فيها مدى قدرة المخطط التربوي على القيام بالبحث والاستقصاء وفق الشروط العلمية والمنهجية التي ينبغي أن تتوفر في كل بحث من هذا النوع. كما تظهر مهارته في جمع المعلومات وتبويبها وتنظيمها وتصنيفها حسب أهميتها في بنية النظام التربوي، وحسب الخلل الموجود في كل مكوناته. فتكون هذه الدراسات الاستقصائية بمثابة الخطوة المفتاحية التي تتوقف عليها صرامة ودقة ما سيقوم به في المراحل التالية :
2- تحديد الاحتياجات المستقبلية
وترتبط هذه الاحتياجات بكل متطلبات التنمية الشاملة التي ينتظره المجتمع من كافة القطاعات ويمكننا تحديد هذه الاحتياجات كما يلي :
الحاجة إلى القوى العاملة المتعلمة والمتدربة :
لابد أن تكون بين يدي المخطط التربوي خريطة توزيع القوى العاملة المتدربة حسب مستوياها واختصاصاها، ليقف على مختلف احتياجات المجتمع من هذه القوى. ومن شأن هذه المعاينة أن تمكنه من الحكم على مدى تحقق الأهداف المدرجة في الخطة السابقة، ليبني أهدافا جديدة قد تكون مكملة للأولى في حالة سيرها في الاتجاه الصحيح، أو قد تتضمن تغييرات جوهرية إذا وقف على خلل كبير في تحقيقها. ويؤثر تحديد الاحتياجات للقوى العاملة المتعلمة والمتدربة تأثيرا كبيرا على المخطط التربوي العام، ذلك لأن أغلب المتخرجين من النظام التربوي ينتمون لهذه الفئة، ومن هنا كان من الضروري تحديد الاحتياجات بشكل عددي، ليتم بعده اقتراح الإجراءات العملية لتلبية هذه الاحتياجات سواء في الشعب العلمية والتخصصات أو المناهج والبرامج التكوينية أو المعلمين والمكونين الذين يلقى على عاتقهم تطبيق المناهج والبرامج .
احتياجات تنمية المجتمع:
يحتل النظام التربوي مكانة محورية بين القطاعات المعنية بتنمية المجتمع وتطويره، لذلك فإن كل عملية تنموية يتوقف نجاحها بنسبة كبيرة على مدى فعالية النظام التربوي في تحقيق الأهداف ذات الصلة بتنمية المجتمع. وإن الطابع الشمولي للتنمية يتطلب من النظام التربوي رفع المستوى التعليمي للمواطنين إلى أقصى حد ممكن، كما يتطلب منه تكوينا نوعيا من شأنه أن يلبي حاجات المجتمع من الموارد البشرية المؤهلة لتنفيذ الخطة التنموية على أحسن وجه
3- الحاجة إلى النخب العلمية والمبدعين :
لا ينبغي أن تركز الخطة التربوية على الجانب الكمي فقط، بل لابد أن تعطي الأهمية الكبرى لتخريج النخب العلمية والمبدعين القادرين على مواجهة مشكلات المجتمع وتقديم الحلول المناسبة لها. وعلى المخطط التربوي أن يحسن تقدير حاجة المجتمع لهذه النخب مراعيا في ذلك مدى توفر الوسائل المادية والموارد البشرية الكفيلة بتخريجها. وما يمكن تسجيله في المخططات التربوية عبر العالم، أن الدول الأكثر تطورا تعطي أهمية كبرى لهذه الحاجة، وذلك راجع من جهة للتطور التكنولوجي والعلمي الكبير الذي تعيشه، ومن جهة أخرى لإدراك المخططين فيها أنه لا مجال للمحافظة على هذا التطور والرقي دون إعطاء الأهمية الكبرى لهذه النخب، لأنها وحدها دون سواها القادرة على مواجهة المشكلات بحلول مبتكرة، تجعل المجتمع محافظا على تطوره واستقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي .
.4- احتياجات تنمية التعليم وتطويره :
يعتبر تطوير النظام التعليمي من المقاصد الكبرى للتخطيط التربوي، لأننا لما نكون بصدد وضع خطة تربوية، فإننا نكون بكل تأكيد بصدد تقديم الصورة التي تكون عليها التربية في المستقبل، وفي هذه الحالة فإن هذه الخطة تتضمن تجاوزا لكل السلبيات الموجودة في الوضع التعليمي الراهن. وكنموذج للدراسات المتعلقة بتقديم تصور مستقبلي لتنمية وتطوير التعليم في العالم العربي نذكر ما أورده الدكتور عبد العزيز بن عبد االله السنبل في دراسته حول التربية في العالم العربي في القرن الحادي والعشرين، حيث ذكر المحاور الكبرى لتحديث المنظومة التربوية العربية وتغييرها، وقد جاءت هذه المحاور كما يلي :
التأكيد على ثوابت الأمة وموروثها وخصوصياتها الثقافية. –
تطوير جودة النوعية في التربية. –
تجديد غايات التربية ومراميها. –
– التأكيد على مبادئ المرونة والجاذبية عند الوفاء بالالتزام الجماعي حيال الإعلان العالمي حول التربية للجميع.
التغيير في مضامين التربية ومحتواها. –
الأخذ بمبادئ التربية الحديثة المبنية على الانفتاح والديمقراطية والشراكة . –
تطوير الأوضاع المهنية للمعلمين .
– بناء مدارس مفتوحة للجميع في ضوء مفهوم أن المدرسة مركز للإبداع وأداة من أدوات تطوير المجتمع .
الشراكة المجتمعية لعلاج أمة تمويل التعليم . –
إعادة النظر الجذرية في نسق التعليم وتعزيز دور العمل العربي المشترك-
وبهذا نجد أن النظام التربوي ينبغي أن يكون هو نفسه محل نظرة مستقبلية، لأنه بدون تطوير النظام التربوي وإصلاحه، لا نتوقع الوصول إلى نتائج أفضل في بقية المجالات .
5- احتياجات التمويل :
على المخطط التربوي أن يجعل خطته واقعية وقابلة للتنفيذ، ومن شروط قابلية التنفيذ توفر الموارد المالية اللازمة. ومن هنا فإنه على المخطط أن يحدد بدقة القيمة المالية التي يتطلبها تنفيذ الخطة، ويقترح في بعض الأحيان مصادر أخرى للتمويل غير ميزانية الدولة، كالتمويل المجتمعي وإشراك المؤسسات الاقتصادية العامة والخاصة، وغالبا ما يتم اللجوء إلى هذه الاقتراحات في حال عجز ميزانية الدولة .
6- مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية الحاصلة :
يعيش العالم منذ الحرب العالمية الثانية ثورة تكنولوجية وعلمية كبيرة، جعلت من مواكبة هذه التطورات أمرا حتميا لكل من أراد أن يلتحق بركب التطور وبمستوى الرقي الذي يشهده العالم المتقدم. وقد ازدادت هذه التطورات تأثيرا مع التقدم الهائل الذي يشهده عالم الاتصال خاصة ما تعلق منه بشبكة الانترنت والفضائيات وغيرها من الوسائل التي جعلت العالم حيزا ضيقا من حيث سرعة انتقال المعلومة من بلد لآخر ومن قارة لأخرى، حتى أصبحت المستجدات تصل إلى المستقبلين لحظة وقوعها. كل هذا الانفجار المعرفي جعل الأنظمة التربوية تحتل الريادة من حيث المسؤولية على مواكبة ما يحدث في البلدان المتطورة، وهذه ليس بهدف تخريج أفراد مقلدين ومنبهرين بالآخر وإنما من أجل الإبداع والوصول إلى حلول مبتكرة لمشكلاتنا الخاصة على كافة الأصعدة. كل هذا يتطلب الدراسة العميقة لمستوى التطور ومدى قابلية النظام التربوي لاستيعاب تجديدات في إدارته ومناهجه والأطراف المختلفة التي يقع على عاتقها تنفيذ الخطة التربوية .
.7- مواكبة التغيرات الداخلية والخارجية :
إن التغير خاصية من خصائص المجتمعات البشرية، فهي ليست مستقرة على حال، وكما تكون هذه التغيرات داخلية فقد تكون خارجية. ومن أمثلة التغيرات الداخلية التي وقعت في الجزائر نجد التحولات السياسية والاقتصادية، فقد انتقلت من النظام الأحادي إلى النظام التعددي كما انتقلت من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق. ومن أمثلة التغيرات الخارجية نجد الأزمات الاقتصادية التي يعيشها النظام العالمي وما صاحب ذلك من تأثير على أسعار المواد الأساسية مثل الحبوب والدواء ومختلف المنتجات الغذائية المستوردة. كما نجد تغيرات كبيرة على مستوى العلاقات الدولية خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وما يمربه العالم من جائحة كورونا.كل هذه التغيرات ذات التأثير الكبير وما شابها ينبغي أن يكون المخطط التربوي على اطلاع واسع عليها، حتى يدخل في خطته التعديلات والإضافات المناسبة من أجل أن يكون النظام التربوي ابن عصره يعالج مشكلاته ويتعايش معها وهذا بطبيعة الحال في ظل الاحترام الصارم للمبادئ الكبرى التي يقوم عليها المجتمع، حتى يكون مجتمعا معتزا بانتمائه وفي نفس الوقت يواكب ما . وفي نهاية تقديمنا لهذه المرحلة وتعميما للفائدة نقدم هذا النص المأخوذ من دراسة أحد مستشاري اليونسكو حول التخطيط التربوي في إفريقيا، والذي تناول فيه بعض الاحتياجات المستقبلية للأنظمة التربوية في هذه القارة إن أردنا فعلا أن نعيد النظر جديا في المشكلات القائمة، وجب علينا أن نأخذ في الاعتبار النقاط التالية : :
– ينبغي الاهتمام بكل ما يتعلق بصحة التلاميذ وقدرتهم على التعلم، وبكفاءات المدرسين ومعنوياتهم، وبملائمة الكتب والمواد التعليمية، وباختيار لغة التعليم .
– إن تحسين إدارة النظام التعليمي وتخطيطه واشتغاله يفترض تحديدا وصياغة أوضح للأهداف، ومشاركة الموضوعات المعنية على جميع المستويات. – ينبغي النظر في تقوية وترشيد الأساليب المدرسية واللا مدرسية لمحو الأمية، مع التشديد على مبدأ التكامل بين محو أمية الكبار والتعليم الابتدائي .
– – ينبغي إعادة بناء المناهج الدراسية فندخل فيها مبادئ أساسية واقعية في مجال علم البيئة، ونعنى باختيار اللغة، سواء لأغراض التعليم أو لصيانة اللغات المحلية .
ينبغي المثابرة على تكثيف أنشطة البحث والتقييم الملائمة في المجال التربوي، وعلى الاستغلال المنهجي لنتائج البحث العلمي والثقافي والتكنولوجي لكشف بعض من مشكلات القارة والإحاطة بها والتغلب عليها